تحت سمع وبصر الدولة تحول السياسيون عندنا إلى زعماء ميليشيات، أو كما يقول الشوام قبضايات، يتحركون ووراءهم أنصارهم بالمئات والآلاف، يهتفون ماشى، يتوعدون الخصوم.. ممكن، يحملون المولوتوف والسيوف والسنج.. جايز جدا، يحاصرون المحاكم ويكسرون هيبة القضاء والقضاة.. وارد، يعتدون على أقسام الشرطة.. طبيعى، يحطمون ويحرقون ويقطعون الطرق.. عادى ويومى.
لم يفكر قبضايات جماعة الإخوان فى نتائج قرارهم بتحريك ميليشياتهم لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا والاعتداء على هيبة قضاتها الأجلاء، لدرجة أن يخرج محمود غزلان المتحدث باسم الجماعة مصرحا بأنها أى «الجماعة» لن تفك حصار الدستورية قبل استقرار الدولة، دون أن يسأل نفسه هو وغيره فى الجماعة عن أى دولة يتحدثون؟ ولم يفكر مستشار الرئيس بنتائج تصريحاته لوسائل الإعلام الأجنبية والتى يتهم فيها أعلى محكمة عندنا بأنها محسوبة على القوى المعادية للثورة، دون أن يستطيع لا هو ولا رئيسه أن يثبتا أى اتهامات أو مزاعم بشأن المحكمة الدستورية.
وليس مستغربا والحال هكذا أن يحاصر أنصار ورعايا حازم أبوإسماعيل مدينة الإنتاج الإعلامى وأن يروعوا ويعتدوا على الإعلاميين مهددين باقتحام القنوات الفضائية، دون أن تحرك السلطة التنفيذية ساكنا لتطبيق القانون، وكان من نتيجة ذلك أن تحركت مليشيات أبواسماعيل لحرق حزب الوفد والاعتداء على الصحفيين فى جريدة الحزب.
وليس مستغربا أيضا أن يتحرك عبدالله بدر الذى يعتبره البعض شيخا، وسط ميليشيات وأنصار محتميا بهم أثناء محاكمته بسب وقذف الفنانة إلهام شاهين، وبعد الحكم عليه بالسجن سنة يثير أنصاره الفوضى فى المحكمة ويتوعدون بعدم حبس زعيمهم فى تحد واضح لأحكام القضاء. تدريجيا تحولنا من دولة القانون المنتفضة بزخم الثورة والساعية لبناء الجمهورية الثانية، إلى دولة الطوائف والجماعات، التى يداس فيها القانون وتهان فيها السلطة القضائية ويحاكم فيها الرعاع الجهلة نصوص ومواد القانون.
تدريجيا تحول الغرض السياسى إلى مرض شخصى وبحث عن مجد مؤقت يشبه، سعى الممثلين الذين انحسرت عنهم الأضواء إلى الظهور مجددا بأى شكل حتى لو بارتكاب أعمال فضائحية.
تدريجيا تحولنا من مواجهة الدولة العميقة بخبرات وكوادر ونخبة الدولة العريقة إلى مشروع الدولة الحقيرة التى يعمل فيها أنصاف الزعماء وأنصاف القادة وأنصاف السياسيين على تمزيقها إلى دويلات وشيع وإقطاعيات ومناطق نفوذ بعد أن يقدمون القانون والدستور قربانا على مذبح الشيطان وتحت رايات الثورة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة