شهدت مصر على مدى الشهور الماضية حالة غريبة على الطبيعة المصرية، بسبب خروج القوى السياسية المصرية من حالة المنافسة إلى حالة الصراع، وكان أخطر المشاهد فى هذا التحول، المشهد الدموى الذى راح ضحيته مايقرب من 8 مصريين عند قصر الاتحادية، وأرى أن الفلول وجدوا فرصتهم فى الإجهاز على الجميع من القوى الثورية، فى ظل هذا الصراع العقيم الذى- للأسف- استعان فيه رفقاء الميدان من القوى الليبرالية واليسارية بأذناب النظام السابق بهدف زيادة أعداد المتظاهرين، حتى يستطيع أن ينافس القوى الإسلامية فى الحشد. وقد وجد هؤلاء المجرمون من أزلام النظام السابق فرصتهم فى إعادة تجربة ثورة رومانيا التى أعادت الصراعات فيها بين الثوار قيادات النظام السابق لكرسى الحكم.
ولا يستطيع عاقل أن ينكر أن رجل الشارع المصرى استشعر حالة من «الأرف» من النخب السياسية من مختلف الاتجاهات بسبب حالة الصراع العقيم، لذا علينا بعد هذه التجربة الغريبة على طبيعتنا المصرية، أن نحكم العقل، وأن ننزع فتيل الفتنة، خاصة بعد أن يقول الشعب كلمته فى هذا الاستفتاء. فعلينا جميعا أن نحترم نتيجة الصندوق، واختيار الشعب مهما كانت النتائج، فأنا كمنتسب للتيار الإسلامى سأكون أول الداعمين لفريق المعارضة إذا جاءت النتيجة بـ«لا»، وعلينا أن نبنى فورا جميعا الجمعية التأسيسية الجديدة من خلال الاختيار الشعبى الحر، وعلينا أيضا أن نلبى فيها رغبة المصريين، خاصة ممن تبنوا موقف المعارضين.
وأما إذا جاءت النتيجة بـ«نعم» فعلى إخواننا فى القوى السياسية الأخرى أن يحترموا النتيجة ويرضخوا لإرادة الشعب، ويدخلوا أجواء المنافسة السياسية فى الانتخابات البرلمانية ثم المحلية، ونساعد بعضنا البعض فى بناء مؤسسات الدولة، ونحاول أن ننسى هذه الفترة الأليمة من تاريخنا، ونتعلم منها درسا للمستقبل، وذلك فى الوقت نفسه الذى نصمم فيه على كشف المتورطين فى قتل شهداء قصر الاتحادية، وإعادة محاكمة قتلة ثورة 25 يناير.
كما أطالب الجميع بالتبرؤ ممن يراهنون على الخارج، ويستنجدون بهم بين الحين والآخر، فمصر لن ترهبها قوى الغرب أو الشرق، ولن تكون قراراتنا إلا من داخلنا، فنحن لسنا العراق أو سوريا، كما أتمنى أن تنتهى حالة الكراهية التى ملأت القلوب بين رفقاء الميدان، ولا يتعالى الفصيل الذى سينجح فى إقناع الشارع المصرى برؤيته فى ملف الدستور، فالواجب الوطنى يحتم علينا الآن أن نحمى ثورتنا، ونحقق أهدافها ونتغافر فيما بيننا. وأتمنى من إخواننا فى معسكر المعارضة أن يحكموا صوت الحكمة، وألا يجروا لمزيد من المشاكل فى حالة إخفاقهم فى إقناع الشارع برؤيتهم حول الدستور، فالذى يقول منهم إنه لن يحترم إرادة الصندوق، أراه ينقلب على الشرعية الشعبية، ولن يزداد إلا خسارة فى الشارع، وعلينا أن نعلم أن قواعد الديمقراطية تستوجب علينا الالتزام بنتائج الصندوق التى من الممكن أن تكون بداية لتصالح وطنى، يخرجنا من نفق الصراع إلى رحابة العمل من أجل بناء مصر الجديدة، فمصر للجميع وتسَع الجميع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة