دقت أجراس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إعلانًا باختيار القرعة الهيكلية للأنبا تواضروس الثانى بابا وبطريرك الكرازة المرقسية 118.
واستقبل ذلك ملايين الأقباط فى الوطن والمهجر بفرح عميق.. وبذلك تكون مؤسسة الكنيسة قدمت نموذجًا ديمقراطيًا وحضاريًا وروحيًا يحتذى به فى ظروف صعبة من تاريخ العالم والوطن والكنيسة.
وحتى تتم مراسم تجليس الأنبا تواضروس الثانى فى 18 الجارى، وكذلك تصديق رئيس الجمهورية د. محمد مورسى على ما انتهت إليه تلك الإجراءات، فإن هناك العديد من التحديات والفرص أمام البابا القادم، أهم تلك التحديات هى:
أولاً: قوى الإسلام السياسى الراديكالى، وكيف سيكون الأنبا تواضروس رد فعل لتصرفات تلك القوى تجاه الكنيسة والأقباط.
ثانيًا: القوى الثورية القبطية والتى استطاعت أن تشكل حيزا وطنيا بعد ثورة 25 يناير ومن أهمهم «اتحاد ماسبيرو»، وغيره من التنظيمات التى استطاعت الخروج بالكنيسة للوطن، وعلى سبيل المثال رفضت هذه التنظيمات تدخل الكنيسة فى السياسة حينما أراد البابا شنودة الثالث منهم فض اعتصام ماسبيرو، وكذلك حينما أطلق هؤلاء فى الكنيسة هتافهم الشهير: «يسقط حكم العسكر»، وأخيرًا مظاهرة بالكاتدرائية ضد نيافة الأنبا بيشوى احتجاجًا على تصريحاته الخاصة بزى النساء والأقباط، ولعل هذه القوى لعبت الدور الأكبر والخفى فى تقليص المرشحين الـ17 إلى خمسة مرشحين فقط، وذلك خشية من أن تنقل تلك القوى الحالة الثورية من خارج الكنيسة إلى داخلها.
ثالثًا: مراكز الثقل فى الأكليروس المتنفذ بالكنيسة خاصة أساقفة البلاط البابوى «مكتب البابا السابق» والذين لعبوا دورًا مهمًا فى تعضيد الأساقفة لا الرهبان إبان انتخابات 29 أكتوبر الماضى، كما تجدر الإشارة لى صعود نجم نيافة الأنبا بولا، حيث يريد المقابل من البطريرك الجديد خاصة بعد مواقفة المؤازة لنيافة القائمقام الأنبا باخوميوس فى إدارة معركة تحديد الأسماء الخمسة من السبعة عشر مرشحًا، وكيف أن نيافة الأنبا بولا أعطى لنفسه حرية الحركة والحديث سياسيًا نيابة عن الكنيسة ليس فقط فى الجمعية التأسيسة للدستور، بل ذهب أبعد من ذلك بالحديث عن قضايا ذات حساسية خاصة بما يوحى بأنه يريد أن يضع البابا القادم أمام الأمر الواقع فى قضايا الدستور والأحوال الشخصية والعلاقة مع القوى المدنية والدينية.
كل تلك التحديات تجعل الأنبا تواضروس على المستوى القريب لن يستطيع إنجاز التغيير الجذرى الخاص بالإصلاح الكنيسى بقدر ما يستطيع أن يعمق العمل المؤسسى بالكنيسة عن طريق مكتب البابا نفسه وفتح ملفات جديدة تتيح صلاحيات حديثة بعيدة عن صلاحيات الحرس القديم مثل إنشاء مراكز أبحاث، ومكاتب للعلاقات الدولية والإدارة وغيرها من الآليات التى تتيح له حرية حركة دون صدام قريب مع مراكز الثقل الكنسية فى الحرس القديم.
من الفرص التى قد يستطيع قداسة الأنبا تواضروس إنجازها هى العلاقة مع الكنائس الأخرى أو الحوار بين الكنائس والطوائف المسيحية، وكذلك العلاقات الخارجية والدولية بما يتيح للكنيسة تخطى حواجز كثيرة وإنجاز مهام وطنية مثل العلاقات مع إثيوبيا وأفريقيا فيما يخص ملف النيل، وتقنين أوضاع المهجر فى علاقته مع الكنيسة الأم.
وأخيرا فكل تلك التحديات والفرص يستطيع البابا القادم دراستها عبر تشكيل مجموعات عمل من الأكليروس والعلمانيين من المتخصصين والخبراء وبالذات لدراسة مسودة الدستور عن طريق فقيه دستورى كبير مثل المستشار سمير تناغو بعيدًا عن غير المتخصصين من الأكايروس، وأيضا إنشاء لجنة علمية من شتى التخصصات الاجتماعية والنفسية والقانونية لدراسة أحوال الزواج والطلاق فى الأسرة القبطية، كما تجدر الإشارة إلى ضرورة الإسراع لتقييم وقياس أثر فاعلية المجلس الملى، وطرح موضوع لائحة البطريرك للنقاش العام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة