د.عمرو هاشم ربيع

بعد أزمة الإعلان الدستورى.. من يطلق الرصاصة الأولى؟

الإثنين، 26 نوفمبر 2012 05:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشهد السياسى الآن أصبح قاتمًا إلى أبعد الحدود، الثورة منذ بدايتها أخذت مسارات متعرجة، أحدها كان يوم استفتاء 19 مارس 2011 بعد انقسام معسكر الثورة بين الدينى والمدنى أو الجنة والنار، وأحدها الآخر كان فى الجولات التى خاضها الثوار (خاصة القوى المدنية) مع العسكرى فى ماسبيرو والعباسية 1 والعباسية 2 وبورسعيد ومحمد محمود، لكن الأخطر فى كافة تلك المشاهد هو المشهد الراهن، حيث الانقسام كبير بين معسكرى الثورة. صحيح أن هذا المشهد أكثر شبهًا بالمشهد الذى حدث إبان استفتاء 19 مارس، إلا أن ما يزيد من حدته هو أنه بين سلطة منتخبة بشكل ديمقراطى سليم، وتيار مدنى وديمقراطى وطنى.

يجب أن نعترف أن قرارات الرئيس هى السبب فى استفحال هذا المشهد الانقسامى، فحالة عدم الاستقرار هى السائدة، ونموذج اللبنة أصبح يلوح فى الأفق، بل لم يعد خافيًا على أحد أن المشهد ربما يتطور إلى ما لا يحمد عقباه إذا ما قام أحد الأطراف بإطلاق الرصاصة الأولى فى صدر أحد أركان القوى السياسية المتنازعة. هنا سيصبح الاحتكام إلى السلاح هو الفيصل، ولن يجدى إلغاء الإعلان الدستورى فى علاج الأزمة. وسنعود إلى الوراء عشرات السنين، سيقاتل المصرى أخاه المصرى، سيصبح الموت على الهوية هو الأساس، فهل أنت منتمى إلى التيار الإسلامى أم أنت مدنى، لن يكن هناك رابح سوى أنصار النظام السابق، والأهم أعداء الوطن فى الخارج، وتحديدًا حكام الكيان الصهيونى. بالتأكيد أن البادئ بإطلاق النار ليس جماعة الإخوان فهى طلقت العنف منذ أربع عقود، أو التيار السلفى فهو على كل تشدده ومماحكاته باسم الشريعة لم يطلق النار إطلاقًا، والقوى المدنية لم تعلم عن العنف سوى رد طلقات المسيلة للدموع على من أطلقها.

خلاصة القول أن من يصطاد فى الماء العكر هو من سيبدأ، قل من القاعدة، قل من السلفية الجهادية، قل من عملاء إسرائيل، قل من النظام السابق، لذلك يجب الاحتكام وفورًا إلى عقلاء هذه الأمة. لكن كيف:

بداية الاحتكام هو أن يكون هناك نية خالصة للاعتراف بوجود أزمة، وأن هناك رغبة فى الحل.

أن يكون هناك إقرار من القوى المدنية أن معسكر الرئاسة يملك أسلحة وأدوات كثيرة للمواجهة، فهو يملك القوة الأمنية القادرة على ضبط الشارع بحزم، إضافة إلى البيروقراطية القادرة على تنفيذ مطالبه بما فيها استفتاء الدستور الموعود، كما لديه قوة التيار الإخوانى والسلفى التى لا يمكن الاستهانة بها.

أن تقر الرئاسة بأن القوى المدنية لديها من الأسلحة ما ينغص مضاجع الرئاسة، فهى تملك قطاع لا بأس به من الشارع، وبعضًا من القوة الأمنية والبيروقراطية التى سأمت تأزم الأوضاع، وهى قوة بالتأكيد لها تاريخ مشهود من عدم الصمود أمام قوى الشارع، ولنا فى ثورة يناير نموذجًا فريدًا. كما يجب عليه أن يدرك أن الخارج قد يشهر سلاحه لصالح التيار المدنى فيوقف القرض الذى طالما حلمت به حكومة قنديل.

إقرار كل طرف أن هناك أمور متفق عليها وهى محاكمة أركان النظام السابق، وأن عزل النائب العام هو أمر يشكل إجماع لقوى الثورة، بغض النظر عن الطريقة التى تم بها ذلك.

الاتفاق على تسريع الوتيرة التى تحد وتقلل من وطئة القرارات الأخرى فى الإعلان الدستورى المكمل، ومنها على سبيل المثال العودة عن تحصين قرارات الرئيس من رقابة القضاء، بما فيها دستورية كل من مجلس الشورى وتأسيسية الدستور. لا سيما وأن الأول محكوم عمليًا بعدم دستوريته لأن وضعه أشبه بمجلس الشعب، ولأن الدستور القادم تركيبة عضويته مغايرة تمامًا لعضويته فى الإعلان الدستورى الأصلى، أى أن مصيره هو الحل فى كل الأحوال، فلا داعى أن يكون مصدر خلاف. أما تأسيسية الدستور فلا ضير من التراجع عن تحصينها، طالما أن الرئيس يملك السلطة التشريعية وله حق إعادة تشكيلها بأى طريقة.

النظر بعين الجد لمقترحات الجماعة الإسلامية الأخيرة والتى أشارت إلى تعيين ثلث أعضاء مجلس الشورى من القوى المدنية، بحيث يصبح هذا المجلس مجلسًا تشريعيًا مؤقتًا لحين وضع الدستور، وعودة المنسحبين من تأسيسية الدستور مقابل وضع المواد المختلف عليها فى مسودة الدستور فى استفتاء خاصة إلى جانب الاستفتاء على كل مواد الدستور.

تقليل مدة عمل التأسيسية إلى أبعد الحدود، بحيث تنتهى من عملها فى غضون أسبوعين بعدها ينظم الاستفتاء خلال أسبوعين وفقًا للإعلان الدستورى الأصلى، وهنا تصبح أية سلطات استبدادية متبقية أكتسبها الرئيس من الإعلان الدستورى الأخير قيد الاستخدام لمدة شهر واحد.

وضع شروط للاستفتاء على الدستور كأن يحضر 50% على الأقل من الناخبين، وأن تكون الموافقة على الدستور بنسبة الثلثين على الأقل كما تفعل بعض الدول.

إلغاء بند جواز قيام الرئيس باتخاذ تدابير فى حالة الطوارئ، باعتبار تلك السلطة التى كانت موجودة أبان عهد مبارك، كانت مقيدة بشروط، ومن ثم لا يجوز زيادة وطئتها فى عهد رئيس ينتمى للثورة.

خلاصة القول: الرئيس هو المسئول عن أى تداعيات مهما كانت الأوضاع.. فهل يستجيب لرغبات الوفاق، أم يكرر سياسات سلفه.. وعلى الله قصد السبيل.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة