كأن القوائم قدرنا المحتوم فى مصر، لن نذهب بعيدا حتى لا تستغرقنا تفاصيل التاريخ، ولنبدأ بقوائم السادات التى أعدها وزير داخليته النبوى إسماعيل لاعتقال معارضيه قبيل اغتياله، وكانت قوائم عبثية لدرجة جمعت مفكرين وسياسيين من شتى المشارب؛ فضمت زنزانة واحدة فؤاد سراج الدين مؤسس «الوفد الجديد» وعمر التلمسانى مرشد الإخوان حينها وصولا لهيكل عراب الناصرية، مرورا بيساريين وليبراليين ومسيحيين وغيرهم.
لم يمض وقت طويل حتى اغتيل السادات بيد من رباهم واستخدمهم ضد خصومه، وبدأ مبارك عهده بإطلاق سراح الجميع باستثناء البابا شنودة الثالث الذى بقى فترة إضافية رهن الإقامة الجبرية فى الدير، ومرت أعوام قليلة حتى عادت القوائم مرة أخرى، وكانت هذه المرة نوعين: الأول أعدته الجماعات الإرهابية المتأسلمة وضمت رجال شرطة ومفكرين مناوئين لها وحتى علماء من الأزهر كانوا يردون فقهيا على الأفكار الضالة التى احتاجت تلك الجماعات 30 عاما لتتراجع عنها -إن كانت قد تراجعت حقاً- رغم الأعمار التى ضاعت خلف القضبان والدم الغزير الذى أريق، وغير ذلك من فواتير ثقيلة.
فى الجانب الآخر، كانت أجهزة الأمن تضع قوائم تضم قادة وعناصر تلك الجماعات لملاحقتهم واعتقالهم، ومعهم عدد كبير من المعارضين السياسيين لمنعهم من كل شىء سواء تولى المناصب فى جميع مؤسسات الدولة، أو حتى النشر فى الصحف، فضلا عن منع بعضهم من السفر للخارج.
وما أن سقط نظام مبارك حتى عادت القوائم لتطل برأسها فى «مكارثية» جديدة، تضم سياسيين وصحفيين موالين لنظام مبارك وراح الحابل والنابل ينشر عبر الإنترنت ما أسموه «قوائم العار» لكن لم تكن تعنى تلك القوائم شيئا سوى التشهير. وهناك أيضا قوائم ينشرها البعض من المنتمين للتيار الإسلامى تطالب بالضرب بيد من حديد ضد عدد من الإعلاميين الذين يعارضون أو ينتقدون سياسات الحكم الحالية.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقبل أسابيع اتصل بى معد برامج فى التليفزيون الحكومى ليطلب مشاركتى فى أحد البرامج، وبينما كنت فى الطريق لمبنى ماسبيرو، مع أهمية الإشارة إلى أننا نشارك مجانا ونذهب بسياراتنا الخاصة باعتباره «تليفزيون مصر» وإذا بالمعد يعتذر لأسباب بدت واهية، ولأنه أحد زملائى الذين تتلمذوا على يدينا لم يستمر فى التبرير كثيرا، وقالها صريحة مريرة إن وزير الإعلام الإخوانى وضع قائمة غير معلنة بالطبع تضم مئات ممن يعارضون جماعته، ويحظر ظهورهم على الشاشة، مقابل إفساح الساحة للإخوان وأزلامهم ولا بأس بالانتهازيين ممن أكلوا على كل الموائد.
غاية ما أخشاه أن تكون أجهزة الأمن قد بدأت هى أيضاً فى إعداد قوائمها التى ستضم بحكم المنطق الأسماء التى ضمها وزير الإعلام الإخوانى وغيره من المنتمين للتيار الإسلامى، استعدادا لاعتقالهم أو تلفيق التهم لهم، وكأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس، ولم يسمر بمكة سامر. والله المستعان..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة