إذا كان الإعصار ساندى غضبًا من الله على أمريكا بسبب مشاركتها فى الفيلم المسىء للرسول، صلى الله عليه وسلم، كما قال أحد المشايخ.. فبماذا نفسر الكوارث والمصائب والنكبات التى تهبط على رؤوس المسلمين، محدثة ضحايا وخسائر وأضراراً تفوق ساندى، وهل يغضب الله أيضا على المسلمين المقيمين فى مناطق الإعصار رغم استنكارهم للفيلم المسىء، وهل من الإسلام الشماتة والتشفى فى الكوارث الإنسانية، ونحن نفعل بأنفسنا فى سوريا والعراق وغيرها من بلاد المسلمين، أكثر مما تحدثة الأعاصير والزلازل والبراكين؟
ليتنا كنا مثل أمريكا فى مواجهة مخاطر الطبيعة واحترام البشر واتخاذ كافة الإجراءات والضمانات لحمايتهم ودفع الضرر عنهم، فليس فيهم مسؤولون متكاسلون ومتراخون من نوعية الذين عندنا، وتحركت الإدارة الأمريكية والمجتمع كله لمواجهة غضب الطبيعة، ابتداء من الرئيس أوباما حتى أصغر موظف، ولم يتصيدوا لبعضهم الأخطاء، ولم يعتبروها فرصة لتصفية الحسابات السياسية والصيد فى الماء العكر، ولم يبحثوا عن شماعات يعلقون عليها الفشل والاستهتار واللامبالاة، ولم يظهر بينهم سياسيون محرضون ولا فضائيات للتهييج والإثارة، وتحركوا جميعا كفريق واحد لمواجهة الإعصار والحد من خسائره.
فى أمريكا يواجهون غضب الطبيعة بالجدية والحزم والعلم، وهم يعرفون أن الإعصار قادم فى تاريخ محدد وسرعته 120 كيلو مترا فى الساعة، وسيهاجم مناطق معروفة ويقطع عنها المياه والكهرباء وسيؤدى إلى تساقط الأشحار والأعمدة، ولم تنشغل وسائل الإعلام عندهم بصراع الديوك وحلبات التناطح، بل ركزت اهتمامها على تحذير المواطنين وإمدادهم بالمعلومات أولا بأول، دون هلع أو تخويف وإرباك، وتراجع الاهتمام بالسبق والجذب والتفرد والإثارة، لحساب المصالح العليا للمواطن الأمريكى، وإنقاذه من الخطر الداهم الذى لم يكن لهم يد فيه.
ماذا فعلنا نحن إذن لمواجهة الأعاصير البشرية التى نصنعها بأيدينا، فتجعل غضب البشر على البشر أشد فتكا من غضب الطبيعة، وهل تحركنا بجدية لإنقاذ أطفال سوريا من القتل، أو لوقف نزيف الربيع العربى فى مصر وتونس واليمن، وهل هناك من يتنبأ بالخطر القادم بأسلوب علمى، ويتخذ كل الإجراءات والاحتياطات لمواجهته، وهل تخلصنا من العشوائية والارتجال وتبادل الاتهامات والبحث عن شماعات التبرير والتسويف، وهل نتحرك كفريق واحد لمواجهة مشاكلنا وأزماتنا كما تفعل أمريكا؟
ليس من الحكمة أن نجاهر بالشماتة كلما تعرض الشعب الأمريكى لكوارث الطبيعة، فهم فى النهاية بشر، وغضب الطبيعة لا يفرق بينهم على أساس الدين أو العرق أو اللون.. ولكن أمريكا التى يجب أن نغضب منها هى التى تنحاز لإسرائيل ضد الحقوق العربية، وهى التى تقتل أبناء العراق وأفغانستان وتغتال أرواح البشر، وهى التى تصعّد حرب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وهناك ألف سبب وسبب لكراهية السياسات الأمريكية، والدعوة إلى تضافر الجهود والوقوف صفا واحدا لمواجهة العربدة الأمريكية فى المنطقة، دون اللجوء إلى الشماتة والتشفى واستخدام شعارات دينية لدغدغة المشاعر والعواطف.. و«ساندى» لا يفرق بين الأديان!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة