الذين بهتوا من خطاب الرئيس مرسى إلى بيريز رئيس إسرائيل ظنوا خطأ أن جماعة الإخوان تناصب الدولة العبرية العداء، وأن الرئيس مرسى، الابن البار للإخوان، على خلاف فكرى وسياسى حاد مع بيريز، الأمر الذى أزعجهم بشدة من عبارات المديح الفج الذى وصف بها مرسى صديقه بيريز.
لقد قلنا وقال غيرنا، وكتبنا وكتب غيرنا أنه لا فرقاً جوهريًا هناك بين الحزب الوطنى المنكوب وبين الإخوان المسلمين.. لا سياسيًا ولا اقتصاديًا. فكل منهما يدعم ويدعو إلى تعزيز اقتصاد السوق الذى ينهض على التوكيلات والعقارات وبيع أراضى الدولة للأقارب والمحاسيب ورجال الأعمال. وكل منهم يتودد إلى واشنطن طالبين رضاها، وليس سوى التقرب إلى إسرائيل، ربيبة أمريكا، الذى يضمن لهما نيل الرضا السامي، وهو ما فعله مبارك ونظامه الملعون بشدة، ويفعلهالآن مرسى وجماعته بقوة!
أظنك لاحظت أن المائة يوم مرت ولم تتحسن الأوضاع كما وعد الرئيس مرسى، ولم يجد ملايين الفقراء من ينصفهم، ولن يجدوا طالما ظل الإخوان يحكمون البلد (هناك نحو 5000 اعتصام وإضراب ووقفة احتجاجية تمت فى الأشهر الأخيرة كما تقول المصادر الرسمية). واليوم الأربعاء 24/10، حيث أكتب هذه السطور، عادت أزمة البنزين والسولار بقوة لتربك الآلاف بالقاهرة الكبرى كما جاء فى تقرير لليوم السابع.
الأمر بسيط، فالإخوان المسلمون مثلهم مثل أى جماعة أو حزب سري، حين يصل إلى السلطة يفسد ويتبقرط، وتفقد قياداته توازنها النفسى أمام سطوة المال والنفوذ والشهرة مهما كانت أفكاره نقية وثورية قبل ذلك، وهذا ما حدث بالفعل مع العديد من الأحزاب والجماعات السرية طوال التاريخ. (البلاشفة فى روسيا، وحزب ماو فى الصين، وحتى الضباط الأحرار فى مصر، وما شابههم فى العراق وسورية وكوبا إلى آخره). ولعلى أعود إلى تحرير هذا الموضوع فى مقال منفصل.
دعنى أذكرك ببعض الشواهد التى تؤكد عمق التشابه بين الإخوان ونظام مبارك البائس، فالرئيس مرسى قام مؤخرًا بتكريم الرئيس الأسبق أنور السادات الذى جرجر مصر للارتماء فى حضن أمريكا وأقام معاهدة مشبوهة مع إسرائيل تحفظ أمنها وتجرح سيادتنا على أرضنا. كما أن الرئيس السادات هذا هو الذى أقر سياسات الانفتاح (السداح مداح) بتعبير الراحل الكبير أحمد بهاء الدين، هذه السياسات هى التى أذلت الفقراء وأهانت الطبقة الوسطى، وراكمت الثروة فى جيوب شرذمة شرهة وغبية، بينما الملايين من العمال والفلاحين والموظفين الصغار يكابدون أوضاعًا معيشية مزرية.
ثم جاء مبارك ليستكمل الدائرة الجهنمية للفساد والإفساد، وباقى الحكاية معروف!
أيها المصدومون فى (ثورية) الرئيس مرسى بسبب رسالة الغرام التى وجهها إلى إسرائيل.. راجعوا من فضلكم أدبيات الإخوان ومواقفهم السياسية والاقتصادية، لتتأكدوا أن الرئيس الحالى يشبه السابق والأسبق!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة