فى الوقت الذى ننادى فيه بالحد من البطالة، والبحث عن سبل لحل أزمة العاطلين عن العمل والتى تجاوزت الحد الآمن بحيث تحولت إلى خط الخطر.. نجد أن هناك قرارات أنا أسميها بالعشوائية حيث إنها تضرب عرض الحائط بكل ما نخطط له.. وبصراحة لا أعرف ماذا وراء هذه القرارات الغريبة غير المنطقية، هى قرارات إغلاق المحلات فى العاشرة مساء، ولا أجد لها تفسيراً، حتى أن البعض أشار بخبث إلى أنها شكل غير مباشر لحظر التجوال.. وهو أمر لا نحتاجه حالياً.. بل العكس إنه أمر يثير القلق الأمنى.. وهو ببساطة موضوع يراد من ظاهره الرحمة والحق وفى باطنه باطل.. وتجربة إغلاق المحلات مبكراً جربها المسؤولون أيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات واستمرت شهوراً ولم تنجح بل أفرزت من ورائها سيلاً من السلبيات والمخالفات التى من شأنها التحايل على القانون، ونحن فى غنى عن هذه الأساليب، نحن بحاجة إلى رأب الصدع ولم شمل الجميع وليس التفريق وبالنسبة للقوانين لم يعد هناك وقت لتفسخ القوانين، وتلويعها وتشتيتها.. لأن إغلاق المحلات فى العاشرة مساء سوف يغلق أبواب رزق مفتوحة أمام كثيرين من البسطاء وهل الذى وضع القانون فكر فى ما هو خلف هذا القرار من طرد الكثير من العمالة وتسريحهم فى الشوارع بدلاً من السعى لتسكين عمالة جديدة فى المشاريع والمحلات سواء الصغيرة أو الكبيرة بل إن الهم الأكبر فى مجال العمالة هو المشروعات الصغيرة التى تخدم الأسر وتطورها يوحى بمزيد من الإنتاج.. بل إن الذى صنع النهضة الصينية منذ بداياتها لتصل إلى المستوى الذى تغزو فيه العالم.. هو البداية من الصناعات الصغيرة المبنية على المشروعات الصغيرة وكانت هناك مفتوحة أمام الجميع بتسهيلات من الدولة والمحافظين والمحليات والمسؤولين القرويين، بحيث أصبحت هذه المشروعات الصغيرة هى لبنة الإنتاج الأولى التى من خلالها نستثمر العمالة، بل كانت هى حجر زاوية لتدريب العمالة بحيث يخرج العامل الصينى حديث التجربة من هذه المشروعات الصغيرة، ليدخل فى المشروعات الأكبر، خطوة خطوة حتى يصل إلى أعلى الحالات الصناعية.. هذا التخطيط كان من شأنه وصول الصناعة الصينية إلى أعلى حالاتها حتى أنها أصبحت تغزو الشرق الأوسط بالصناعات والإلكترونيات بل أصبحت تغزو الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.. تطورت الصناعة الصينية لأنها تمكنت أن تنمو فى جو صحى بعيداً عن القيود ولم تكن هناك محاولات لإغلاق المحلات فى مواعيد محددة إلا فى مناطق توزيع السلع فى بعض القرى الصغيرة كاحتياطات أمنية.. وهذا التحديد لا علاقة له بالعمالة أو التصنيع.. بل كان مجرد توزيع وبيع السلع.. أذكر هذه التجربة وأنا أتلقى أخبارا عن قرارات إغلاق المحال فى مصر.. وهو أمر لا أستسيغه ولا أجد له مبرراً.. فهو ليس تنظيماً.. التنظيم هو أن تلجأ الدولة بكل قوتها لإلغاء الأسواق العشوائية ومنع البائعين المتجولين من الإطاحة بالقانون وتدمير النظافة وتحويل الشارع المصرى إلى فوضى وغموض أتخيل أن تجتهد الدولة وتدعو إلى حملة تنظيم المرور، والاستعانة بالتجربة الأوروبية وخاصة فى بلد مثل الدانمارك والذى كان فى أزمة مرورية، منذ سبع سنوات تحولت بتخطيط بسيط إلى سيولة مرورية وليس مجرد مرور عادى.. نحن فى حاجة إلى البحث عن سبل لتنظيم حياتنا ولكن بعيداً عن لغة الانغلاق وتحديد مواعيد ليس من ورائها سوى التحايل على القانون.. أتمنى من المسؤول إعادة النظر فى قرار إغلاق المحلات فى العاشرة مساء وألا يكون الهدف كما يقال توفير طاقة كهربائية، لأن هذه الطاقة يمكن توفيرها من أكثر من سبيل آخر.. نحن فى حاجة إلى سرعة اتخاذ اللازم فى هذا الأمر ومعاقبة كل من تسول له نفسه استخدام الكهرباء فى غير مكانها أو التحايل على سرقة كهرباء الدولة، وما شابه ذلك.. لابد أن يوجه القانون إلى المخالفات وليس إلى صناعة أزمات من لا شىء!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة