حسمت الحكومة أمرها وقررت بلا رجعة أن تبدأ بعد العيد مباشرة فى تطبيق النظام الجديد فى رفع الدعم عن منتجات الطاقة، وحسب كلام وزير البترول أسامة كمال سيكون من حق كل مالك سيارة خمسة لترات يوميا بالسعر الحالى، وما زاد عن ذلك سيكون بالسعر الحر دون دعم، ضعف السعر الحالى تقريبا، الكلام سهل لأنه ليس عليه جمرك لكن الفعل سيكون بالتأكيد فضيحة جديدة إن لم تلتفت الوزارة إلى الخطأ الذى ارتكبته وتمثل فى الآتى:
أولا أنها حددت الخمسة لترات دون تفرقة بين سيارة وأخرى ولا حساب المسافة التى يحتاج صاحب السيارة لقطعها مجبرا لزوم العمل، فهناك سيارات لا تتحرك لمدة أسبوع أو أكثر وسيارات لا تزيد المسافة التى تقطعها يوميا عن بضع كيلو مترات، بينما آخرون مضطرون لقطع مشاوير أقرب إلى السفر، لا يمكن أن نساوى بين من يقيم ويعمل فى منطقة واحدة سواء مدينة نصر أو مصر الجديدة أو الجيزة أو المعادى، وبين من يضطر للذهاب إلى مدينة أكتوبر أو ينتقل من الجيزة إلى مصر الجديدة أو العكس، أو من حلوان إلى منطقة المطار.
الثانى أن حساب الليترات بهذه الطريقة ودون تنظيم محكم سيقود إلى خلق سوق سوداء جديدة للوقود يتم فيها بيع الليترات المدعمة، فمن لا يستهلك النسبة المحددة له سيبيعها لآخرين بأسعار أقل من سعر السوق الحر.
الثالث هو أن تطبيق هذا النظام سيؤدى فورا إلى مزيد من الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات، من الطماطم واللحوم إلى أسعار المواصلات والعلاج والملابس، وبالتالى لن يكون المواطن مطالبا فقط بدفع ثمن الوقود الحر، وإنما أيضا مضاعفة مصروفاته المنزلية والأسرية الأخرى وهو سيزيد الأعباء المعيشية دون أن تكون هناك زيادات مقابلة فى الدخل وسيترتب على ذلك حالة من الغضب التى لا يستبعد أن تتحول إلى تظاهر وربما ثورة أخرى لن تتحملها الحكومة ولا النظام كله.
بالتأكيد لا نرفض إعادة هيكلة الدعم لمنتجات الطاقة وإنما نطالب الحكومة ووزارة البترول تحديدا بدراسة مستفيضة لأبعاد القرار المختلفة قبل تطبيقه بأسلوب يدخل الحكومة فى عداء مع المواطنين البسطاء خاصة أن القرار لا يختص فقط بالأغنياء أو أصحاب السيارات الفارهة وإنما يطبق على السيارات السيات والفيات مثلما يطبق على أحدث وأفخم أنواع المرسيدس والشيروكى والبى إم دبليو.
لقد سقط النظام السابق لأنه التفت إلى الأغنياء وتحامل على الفقراء، وجاء النظام الجديد بشرعية أساسها إنصاف الفقراء، وحتى الأآن لم يتحقق أى قدر من الإنصاف الموعود، وليس من المقبول أن تزيد الهموم على المواطن البسيط بالنظام الجديد لدعم الوقود.
المطلوب من الحكومة أن تعيد دراسة الأمر جيدا ولا يستعجل وزير البترول أمره ففى العجلة الندامة، والمواطن المصرى لم يعد يتحمل مزيدا من الضغوط وحرق الأعصاب، وبدلا من الحلول الفردية العشوائية من أجل جمع الأموال لستر عجز الحكومة الأفضل للدكتور قنديل ورجاله من الوزراء وخاصة المجموعة الوزارية التى تلخص جهدها طوال الفترة الماضية فى فتح أبواب جديدة لزيادة دخل الحكومة من جيب المواطن وليس البحث عن حلول أخرى، أن يفكروا كثيرا قبل تطبيق هذا النظام الجديد لأنه على حد توقعى لن يمر بسهولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة