عمرو جاد

سحرة الإعلام وشياطين السياسة

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012 03:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال أحد الجالسين لصديقه: قرأت فى صحيفة معارضة أن الحكومة تنوى رفع أسعار مياه الشرب، بينما فى الجريدة الحكومية المسؤولون يؤكدون أنه لا مساس بأسعار المياه.. فسأله صديق: أيهما تصدق، فأجاب: سأصدق محصل الفواتير حينما يأتى نهاية الشهر.. غالبا ما يتعامل الناس فى هذا البلد مع الإعلام بهذه الطريقة، ربما ليس كل المصريين لكنها فئة موجودة وتستحق الاعتبار، وربما أيضا من الصعب فى مكانى هذا أن أدافع عن الإعلام كمصدر رزق، غير أن شيئا ما فى أحاديث الساسة المصريين يوحى بأنهم اتفقوا على تحميل الإعلام مسؤولية أخطائهم حقا وباطلا ودون بينة، وافتراء فى كثير من الأحيان.

أغلب الظن أنك الآن تقول لنفسك إننى أدافع عن الكذب.. دعنى أسألك.. كم خبرا كاذبا تقرأه فى يومك، وذلك لا يشمل تصريحات المسؤولين والنشطاء والتنفيذيين، كم مرة قرأت تكذيبا صريحا فى جريدة أو فى وسيلة إعلام أخرى لخبر، لا أقصد أيضا التبريرات والتفسيرات والتحجج بالتحريف، هذا يحدث بالتأكيد.. لكن كم مرة فى الشهر، لو أنصفت قليلا واستبعدت حالتك النفسية وخلفيتك الفكرية وانتماءك السياسى لوجدتها نادرة.

المشكلة يا صديقى لا تكمن فى الإعلام فقط، نعم هو مؤسسة يجب أن تكون يقظة الضمير صافية النية نظيفة اليد، لكن لا تنس أن من يديرونها بشر، أثق أن الغالبية العظمى منهم يصارعون كثيرا لكى تنتصر مهنيته على قناعاته وتوجهاته - دع عنك هذا التأويل الشخصى للخبر الذى يتصيد الأخطاء ويفتش فى النوايا - ولكن لا يجرؤ إعلامى أو صحفى واحد أن يتحمل مسؤولية نشر خبر يعرف أنه كذب، يفرون من ذلك فرار الصحيح من بلدة ضربها الطاعون، إلا من رحم ربى.

أين المشكلة إذن؟ سأذكر لك الشخصيات السياسية التى تشتكى دوما من تحريف الإعلام لتصريحاتها «عصام العريان، عمرو موسى، صفوت حجازى، صبحى صالح، جورج إسحاق، عصام سلطان، ياسر برهامى، وعماد عبدالغفور».. هؤلاء ستضيف إليهم التوضيحات المتكررة من المتحدث باسم الرئاسة تصريحات الرئيس محمد مرسى، حتى فى أزمة النائب العام لم يترك المستشار أحمد مكى نائب الرئيس الإعلام، دون أن يشركه فى المسؤولية، رغم أن كل أطراف الأزمة يعرفون من المخطئ فيها، كل هؤلاء نجوم فضائية وصحفية تحاصر المصريين على مدار الساعة وعندما يشعر أحدهم أنه تسرع فى التصريح أو خانه التعبير يسارع ليحمل الإعلام المسؤولية، هكذا ببساطة يصبح الإعلام جانيا بعد أن كان ناقلا، وتضيع الحقيقة لمجرد أن بعض هؤلاء المشاهير أصواتهم عالية تطغى على صوت الضمير، إذا كان بعض من السياسيين يريدون الإعلام شيطانا أخرس يقول ما ينفعهم ويتعامى عن الحقائق التى تضرهم، فلن يستقيم الوضع، أما إذا ارتضى الإعلاميون أن يكونوا «سحرة» لكل فرعون على الصوت فلا تنتظروا إصلاحا فى هذا البلد.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة