د.عمرو هاشم ربيع

كرامة القضاء أم كرامة النائب العام؟

الأحد، 14 أكتوبر 2012 08:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأزمة التى حدثت يوم الجمعة الماضى بين الرئاسة والقضاة، أزمة اختلقها النائب العام بامتياز، فقد اتضحت الأمور بشكل جلى فى تصريحات الأخوان "مكى" وهما محل ثقة وتقدير الجميع، وكذلك تصريحات النائب العام، ومن واقع تلك التصريحات يمكن للمرء أن يلاحظ ما يلى: -

1- أن النائب العام طلب الخروج منذ عدة أشهر، وأنه لم يستجب له إلا فى الفترة الأخيرة، وأن الخلاف ظهر فى اللحظات الأخيرة حول طبيعة المنصب الذى سيتجه له النائب العام، فهل هو سفير فى دولة لا يجيد لغة أهلها، أم فى دولة عربية، وهو أمر يفضله ويستحسنه النائب العام كما قال المستشار محمود مكى.

2- أن الأمر كله لا يعدو أن يكون مجرد تراجع للنائب العام عن استقالته الشفهية من منصبه، بعدما تبين له (فجأة) أن منصبه الحالى أرفع من منصب وزير الخارجية بل ورئيس الوزراء، فما بالنا بمنصب سفير فى دولة محدودة الشأن، أو هى بالأحرى دولة من طبيعة خاصة فى النظام الدولى، الآن فقط عرف النائب العام أن من يعمل نائبًا عامًا لا يقبل ولا يعمل فى منصب آخر!!!

3- أن المشكلة التى كنا نحن بصددها كانت بالتأكيد عبارة عن ضغوط إضافية مارسها المجلس الأعلى للقضاء ونادى القضاة على النائب العام الذين عرفوا مؤخرًا بنوايا النائب العام الحقيقية، فى أنه هو الذى طلب الخروج منذ شهور. والدليل على ذلك هو خطاب الالتماس الذى قدمه المجلس الأعلى للقضاء للرئيس وهى مهانة ما بعدها مهانة، بعبارة أخرى، أن المجلس فسر الحدث برمته على أنه سابقة ستجعل الرئيس يتدخل فى شأن القضاء، فكانت المعالجة بطريقة أبشع وأكثر امتهاناً، وذلك عبر خطابات التوسل والرجاء، بعدما علم هؤلاء بورطة النائب العام الذى وضع القضاة فى مأزق، وبعبارة أدق، لو كان الرئيس مرسى أقال النائب العام دون طلب منه، لكان الأمر أكثر تكريمًا للقضاة من عريضة التوسل والاسترحام التى ورطهم السيد المستشار فيها.

والسؤال الآن ألم تخطئ الرئاسة على الإطلاق؟
نعم أخطأت هى الأخرى، وسبب الخطأ يرجع لما يلى:-
أولا: أن المتحدثين باسمها، أو الذين قادوا الأزمة اتسموا بالتعدد، فهناك الأخوان "مكى" وهما نائب الرئيس ووزير العدل، وهما يشغلان منصبان رسميان. وهناك المستشار فؤاد جاد الله وهو يلقب بمستشار الرئيس رغم أنه لم يكن من المعينين رسميًا كمستشارين للرئيس، وهناك المستشار الغريانى وهو رئيس الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس حقوق الإنسان، وكلاهما ليس لهما سلطة التحدث باسم الرئاسة. وعلى أية حال، فإن كثرة التعدد دائمًا تثير الارتباك والتضارب فى بعض الأحيان.

ثانيًا: كان يتوجب على الرئاسة أن تطلب من النائب العام ترجمة رغبته الشفهية فى الاستقالة فى طلب مكتوب، ولم يكن هذا عيبًا كما ادعى المستشار محمود مكى، وإلا كان معنى ذلك أننا نقود البلاد بمنطق العزبة أو كلمة الشرف على أقصى تقدير. فلو أمسكت الرئاسة بهذا الطلب لما استطاع النائب العام أن يتفوه ببنت شفاه، ولما أخرج بعض أنصار الطرف الثانى ألسنتهم إلى الجميع فور إنهاء الأزمة من خلال تصريحات مستفزة، ركبوا فيها موجة شهداء عدم استقلال القضاء.

ثالثًا: أن التأخر الشديد الذى تحدثت فيه الرئاسة للرأى العام مقابل حديث النائب العام فى الوقت السليم، جعل الكثيرين يتجهون باللوم للرئاسة وينعون استقلال القضاء، الذى أهدره الإخوان المسلمين كما يظن.

رابعًا: أن وقت اتخاذ القرار بعد تبرأة المتهمين بموقعة الجمل، وفى ظل موجه سباب من بعض قادة الحرية والعدالة تجاه السيد المستشار النائب العام، ساهم فى تراجع النائب العام وتشبثه بمقعده، وكان الأولى أن يتخذ قرار قبول الاستقالة فور إبداء رغبته منذ ثلاثة أشهر كما قال المستشار مكى.

على أية حال، أضاعت الرئاسة فرصة ذهبية من يدها، لصالح بقاء النائب العام، لكن هذه هى ضريبة الخبرة المحدودة. وعلى الله قصد السبيل.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة