النقد البناء أساس من أسس الحياة الديمقراطية، فالرأى والرأى الآخر هما قضيبا قطار الحرية، ولم تقم نهضة دول العالم الكبرى، إلا من خلال تعزيز هذه المبادئ، وكنا نتمنى بعد ثورة 25 يناير أن تلتزم المنابر الإعلامية بهذه القيم، لكن الواقع يؤكد أن هذه المنابر وخاصة الفضائيات التى تحولت لمصاطب بعيدة كل البعد عن قواعد المهنية، التى ننشدها فى إعلامنا المصرى.
فأصبح من الواضح أن رأس المال لهذه القنوات، تحكم فى توجيه خطها لصالح التيارات الليبرالية واليسارية، ومحاربة التيارات الإسلامية بكل ما أوتيت من قوة، وذلك لإجهاض التجربة الإسلامية فى دول الربيع العربى، وذلك بخلاف قنوات الفلول التى خرجت علينا بالعشرات وبرؤوس أموال تعدت الخيال، وكلنا فى مجال الإعلام نعلم مصادر تمويلها، حيث إن بعضها عبارة عن غسل أموال من منطقة الخليج، وتنافست هذه الفضائيات على خطف مقدمى برامج «التوك شو»، الذين تم توظيفهم بصورة ممتازة، لأداء هذه المهمة.
وقام هؤلاء بدورهم على أكمل وجه، فوجدنا منهم من يهاجم المساجد ويصف خُطبها بأنها غسيل مخ للبسطاء، وتناسى الإعلامى اللامع أن علاقته بإيران والشيعة رائحتها أزكمت الأنوف، وأن برنامجه أصبح منبرا لإهانة مخالفيه فكريا، واختتم أخيرا مهازله بالمطالبة بتكريم الطاغية مبارك، متناسيا دم الشهداء -الذى ترنم به طويلا- والذى اغتالته يد المخلوع، ووجدنا آخر يحول حلقات برنامجه إلى وصلات ردح ضد الإسلاميين، خاصة بعد أن قامت بعض القنوات الإسلامية بإذاعة عبارات له قبل الثورة، تشيد بدور المخلوع وتاريخه، وعبارات له بعد الثورة تلعن المخلوع، ومنهن من تتفق مع مصادرها على المهاجمة الشرسة على الإسلاميين، بالرغم من أنها انفعلت بشدة عندما اُتهمت بأنها تعادى فكر الإسلاميين، ومنهم من يبث السم فى العسل من خلال تعليقاته الهادئة التى تصب فى صالح التيار الذى ينتمى إليه ويستضيف رموزه فى شقته القديمة بحى قصر العينى، التى انطلقت منها كل المخططات لتشويه الإسلاميين إعلاميا، ومنهن من تخصص برنامجها فى قلب الحقائق وتضليل الرأى العام، وإلصاق كل معيب بالإسلاميين، ولعل موقفها من قضية الجمعية التأسيسية للدستور خير دليل على ذلك، حيث خرجت عن كل معايير المهنية وطالبت بوضوح بخروج المظاهرات من أجل الإطاحة بالتأسيسية، بل حضت سابقا على الخروج فى مظاهرات الفلول فى 24 أغسطس الماضى، وحولت برنامجها إلى «مندبة» سياسية لتشويه كل ما أنجزه الرئيس مرسى خلال الـ100 يوم.
بل لم تقف مهازل أرجوزات التوك شو عند هذا الحد، بل استضافوا فى برامجهم كل من ناصب الإسلاميين العداء وطعموا على استحياء هذا البرامج ببعض الرموز الإسلامية، بمعدل 1 أمام 3، ويظهر على أدائهم الذى من المفترض أن يكون حياديا، الانحياز الكامل لكل ما هو مخالف لرؤى الإسلاميين، وتحول معظمهم لمصدر وضيف بالرغم من أنه مقدم البرنامج، وعلى كل حال من فضل الله على مصر أن شعبها يستطيع أن يفرق بين ما هو ثمين وما هو بخس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة