محمد فودة

محمد فودة يكتب.. الفتاوى الدينية.. مولد وصاحبه غايب..!

الجمعة، 06 يناير 2012 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما إن ننتهى من سماع فتوى دينية فى هذه الأيام، حتى نفاجأ بميلاد فتوى أخرى، وكأننا أصبحنا فى حقل تجارب يضخ المفاجآت المدهشة والصواعق التى تطال كل ما هو ثابت فى حياتنا، المعروف طبعاً أن هناك جهة وحيدة للفتوى يرأسها فضيلة مفتى الديار المصرية الدكتور على جمعة، وهو عالم جليل لا يحتاج منا اليوم أن نبحث فى تاريخه فهو ناصع أمام الجميع.

إلا أننى أندهش حين يتلاعب كثيرون ويسعون للمزيد من الفتاوى والترويج لها.. تعاظمت الآراء واختلفت حول مفاهيم كنا قد نسيناها منذ سنوات.مثل ضرورة عودة الجزية لغير المسلمين وعودة بيت المال بصورته الأساسية، ثم زاد التطرف فى الفتاوى حتى وصل إلى تكفير ارتداء الكرافيت والقبعات وتشجيع الأندية الرياضية الأجنبية ومنع وتحريم عمليات التجميل للسيدات والرجال لأنها تعتبر تدخلا فى خلق الله وشؤونه وإرادته.. ثم منع لبس الحمالة النسائية الباراة، والكعب العالى، والأكل بالشوك والملاعق.. بل وصل الأمر إلى منع النساء من الجلوس على المقاعد والكراسى والآرائك لأن ذلك يقود إلى أن يتلبسهن الجن..

ومنع زواج السيدة من سائقها.. وفتوى غريبة انطلقت لحماية الرجال من الفساد الخلقى والزنى.. بأن يبيح له إحضار الجوارى من روسيا، ويمكن للأرملة والمطلقة شراء عبد لتتزوجه لحل أزمة العنوسة ولمنع انتشار الفاحشة.. وما إلى ذلك الأمر يدعو إلى إعادة النظر فيما نحن عليه.. فنحن فى مصر بلد الأزهر، والأزهر هو السد الواقى والركن الشامخ الصامد فى وجه الاجتهادات غير المسؤولة، والتى تجنح بعيداً عن الصواب.. الأزهر حامى حمى الوسطية فى الإسلام.. وما عرفناه يوماً يميل عن الحق.. وشيوخ الأزهر الأجلاء هم رموز عقلنا الوسطى وفكرنا الرائد هو الذى يقود الأمة، ولا يسمح لمروجى هذه الفتاوى أن تتسرب إلى وجدان الأمة فتغير من أولوياتها ومبادئها وقواعدها.. لدينا شيوخ ومفسرون وقراء وقرآن تركوا لنا كنوزاً فى مختلف المجالات الإسلامية.. الإمام محمد عبده والشيخ شلتوت والشيخ عبدالحليم محمود والشيخ طنطاوى، واليوم نحن نستنير بالشيخ الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الذى نزل بفكره وعلمه إلى البسطاء، ولم يبخل بأن يرشدنا إلى كل ما هو صحيح، وكل ما هو ضد الخروج عن الوسطية.

الدكتور الطيب نموذج متحضر لرجل الدين القوى الفعال، ولا أنسى يوم أن أنشأ «بيت العيلة» لحماية مصر من الفتنة الطائفية، ولم شمل المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين تحت لواء أشرف مكان وأسمى تجمع دينى، وهو لا يبخل بأن ينزل بنفسه فى صعيد مصر، ويمنع الخصومات، ويحجب الطغيان عن الناس ويزيل الفتنة، ويصلح ما بين مؤيدى الثأر وضحاياه..

هو رجل قدوة ليتنا نتعلم منه.. خاصة أنه يوماً ما كان مفتيا للديار المصرية ثم رئيساً لجامعة الأزهر، وهذه المواقع الكبيرة المهمة.. أعطته حصانة ضد هذه المحاولات لدخول الفتاوى الغريبة إلى العقول، وأما دار الإفتاء فلم تتراجع يوماً عن إنقاذ أحد فى فتواه، وقد أصدرت ما يقرب من عشرين ألف فتوى خلال ربع قرن.. وهذا العدد أظنه كافياً لكى يحسم كل القضايا..

فإذا استجد منها فلدينا علماء ثقات فى دار الإفتاء، وعلى رأسهم الدكتور على جمعة.. وإن كنت أتخيل أن المرحلة المقبلة من تاريخ مصر هى مرحلة حسم كثير من القضايا المعلقة، ومنها الفتاوى، والله ولى التوفيق.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة