لست من جماعة الإخوان المسلمين ولا أتفق معهم فكريا، وأعارضهم على خط مستقيم فى تقييمهم السلبى لمسيرة جمال عبد الناصر الرائدة فى نضالنا الوطنى، ولكنى أرفض اتهامهم بـ«الخيانة»، كما حدث أول أمس فى صلاة العصر التى أقامتها بعض القوى السياسية على كوبرى قصر النيل.
لن أرتكن فى ذلك إلى محطات تاريخية ناضلت فيها الجماعة ضد النظام السابق، وذاق الكثير من رموزها مرارة السجن والاعتقال جنبا إلى جنب مع غيرهم من القوى السياسية الأخرى، وأشير إلى المعارضين للجماعة والذين حضروا موقعة الجمل، وأكدوا إن خبرة وعناصر الجماعة، ساهمت مع الأبطال المتواجدين فى ميدان التحرير، بصد الهجوم التترى الذى شنه زبانية النظام السابق فى هذا اليوم، وكانت هذه الموقعة هى الزاد الأهم فى مسيرة الثورة التى تزينت بإنجازها الكبير وهو تنحى مبارك يوم 11 فبراير.. نعم هناك ملاحظات على أداء الإخوان سياسيا قبل الثورة، وبعدها، وبالتحديد منذ تنحى مبارك، وهذا شأن لا يختلف عن توجيه ملاحظات أيضا على أى فصيل سياسى آخر، وتلك من بديهيات الصراع السياسى الذى يحكمه مبدأ، أنه لا أحد يمتلك الحقيقة كاملة، وأن الديمقراطية الحقيقية هى التى تتصارع فيها الأفكار، ثم يأتى صندوق الانتخاب ليحدد الفكرة التى يراها الناخبون طوقا لنجاتهم، وإن لم ينجح أصحابها فى تنفيذ ما وعدوا به، يأتى العقاب من صندوق الانتخاب.
النظرة إلى التوافق السياسى برومانسية حالمة، لا توجد فى دنيا السياسة، وصحيح أن القوى السياسية التى تمتلك الأغلبية يرتفع شأنها وقيمتها، حين يكون بمقدورها أن يتسع غطاؤها للجميع، لكن يتم ذلك عبر الحوار البناء، الذى تعى فيه الأقلية أن أمامها تحديا هو الفوز بالأغلبية، وأن تعى الأغلبية أنه قد يأتى يوم عليها وتصبح أقلية، وتبقى الجماهير هى كلمة السر فى ذلك، فمن يستطيع التلاحم معها سيحظى بثقتها.
خطر تبادل الاتهامات بالخيانة، يكمن فى أنه قد يخلق حالة من الاستضعاف لمن يتم توجيه الاتهام ضده، وبالتالى يتم إهداؤه بجماهير إضافية بالمجان، وفى يد الإخوان سلاح يرفعونه الآن، يقولون فيه: «أننا نجحنا فى الانتخابات بإرادة الناخبين، ولم نأخذ تجربتنا بعد حتى يتم اختبار ما وعدنا به، وما أدى إلى ثقة الناخبين بنا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة