على مدار 30 عاما كنت أستشعر فى ذكرى رأس السنة، أن ما نشهده من بزخ وإسراف فاحش، فى احتفالات أكابر نظام مبارك، التى يصرف عليها المليارات، كانت تجعلنا نتأكد أن هذه البلد ليس بلدنا، وأن فقراء الوطن الذين حرموا من حقوقهم المنهوبة، كانوا فى مثل هذه الأيام يغرقون فى العجب والدهشة، من المسؤولين الذين يطالبون الشعب بالتقشف وربط الحزام، بالرغم من أنهم كانوا لا يجدون ثمن العيش، فى حين تشهد قصور أكابر المجرمين كل هذا الإسراف.
كما تعودنا فى ليالى رأس السنة، أن تفسد الأحداث السيئة فرحة كل المصريين بهذه المناسبة، فتارة نكتوى بنار جريمة القديسين، وتارة نجد الفتنة الطائفية تجتاح أنحاء مصر، ولم نكن نعلم أن شياطين مبارك هى التى تحرك أمواج الفتن، ليغرق الرأى العام فى البحث عن مدبرى هذه الحوادث، وبالطبع فى ظل هذه البيئة يزداد الاحتقان بين شركاء الوطن ويسهل على النظام الفاسد ضرب كل ما هو إسلامى ليتخلص من منافسيه الأقوى.
لكن فى هذا العام ظهرت مصر الحقيقية، ببركة ثورتنا العظيمة، ووجدنا ميدان التحرير يؤكد للعالم كله أن مصر شعب واحد، لا يعرف الفتنة الطائفية، ويرفض تمزيق الوطن، فالكل «مسلمون ومسيحيون» احتفل حتى ساعات الصباح الأولى، فى ظل الحميمية التى تحكم العلاقة بين أبناء مصر، والكل ضرب أروع الأمثال فى العلاقات التاريخية بين قطبى الأمة، واستشعرنا بروح ميدان التحرير تعود من جديد، والتهنئة لإخواننا الأقباط كانت واجبة، ولا يتخلف عنه إلا من لم يعلم سماحة الإسلام.
واكتمل مشهد وحدة الوطن، بما قام به شباب التيار الإسلامى سواء من الإخوان والسلفيين، من حماية الكنائس طوال ليلة رأس السنة، مستعدين بالتضحية بأرواحهم للحفاظ على إخوانهم الأقباط، ليؤكدوا أن من يعلم حقيقة إسلامه، سيبادر بلم الشمل ويقوم بدوره فى الحفاظ على السلام الاجتماعى، وسيصبحون حائط صد لكل المخططات الخارجية، التى تستهدف اختراق الوطن من خلال هذا الملف المتلاعب به فى كل وقت وحين.
إن ما حدث فى ليلة رأس السنة أكد لنا جميعاً، أن مستقبل مصر سيكون إن شاء الله زاهرا، وأن من يراهنون على شق الصف واهمين، ولا أنكر أن البسمة والفرحة عادت لى شخصيا فى ليلة رأس السنة، بعد أن تعافى التحرير من معارك الكر والفر، بين العسكر الذين نتمنى أن يرحلوا لثكناتهم قريباً، وبين الشباب الذين يحتاجون لمزيد من الحكمة، ولن تكتمل هذه الفرحة إلا بالقصاص العادل من مبارك وعصابته، وإننا على ثقة فى أن دماء الشهداء، التى كانت أرواحهم ترفرف على ميدان التحرير فى رأس السنة، لن تذهب سدى وسيدفع المجرمون ثمن جريمتهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة