«البيضة ولا الفرخة؟».. لو أن هذا السؤال وجد إجابته من قديم الأزل فربما كنا نأمل فى أن نجد إجابة حول سؤال الساعة: وماذا بعد؟ التباس الوضع الحالى فى مصر، وغياب العقول القادرة على التفكير والتحليل دون إهمال أدوات العصر، واختفاء الإرادات القادرة على فعل التغيير الحقيقى بوعى وإقدام، والتفريغ السياسى الحقيقى الذى اغتيل به هذا البلد، ووجود جيل يمتلك الشجاعة والقدرة على الحلم دون أن يمتلك أدوات فاعلة للتغيير، كل هذا وغيره يضعنا أمام صورة باهتة للمستقبل لا أمان فيها.. ولا سلام.
اعذرونى لو أن الألفاظ والتعبيرات قادتنى إلى خطاب تشاؤمى ونحن فى بداية عام جديد، من الطبيعى أن نحلم فيه بالخير والفرح؛ فلو أن أيا منا قال إنه استطاع أن يغمض عينيه منتصف ليل السبت الماضى ورأى أمامه عاما ملؤه البهجة فهو للأسف.. كاذب.
فاقد الشىء يا سادة لا يعطيه، وشعب يعتبر أن التخلص من ديكتاتور وحده كافيا للعبور إلى العدالة هو ليس واهماً وحسب، بل إنه لا يؤمن بالحرية ولا يستحقها، وربما صدق فيه قول المفكر العظيم الراحل «محمود عباس العقاد» فى كتابه الرائع «عبقرية عمر» إن الناس على عكس ما يدعون هم «لم يجبلوا على الحرية»، فهم يقولون إنهم يرغبون فيها، لكنهم فى قرارة أنفسهم لا يريدونها لأن الحرية تعنى فى المقابل المسؤولية، ويبدو أن أكثر شعوبنا تميل إلى من يتولى قيادة أمرها.. من «بابه»، وتفترض فيه النزاهة والكفاءة، وأنه سيمنحها الرخاء والسلام، وسيهديها مستقبلا آمنا وحياة سعيدة، كل هذا بلا أى «أمارة» سوى أن الناس تعتقد بأنه لابد من أن هناك شخصا سيلبى احتياجاتها دون مقابل! صحيح أن تاريخ الشعوب ملىء بالقادة العظام الذين حكموا شعوبهم بالعدل، وقدموا لأوطانهم الأمن والكرامة، إلا أنه يمتلئ أكثر بالطغاة، والطغاة وإن كانوا من لعنات القدر إلا أن أكثرهم تصنعهم شعوبهم، أو على الأقل تسمح لهم بالبقاء.. وعلى رأى المثل «قالوا لفرعون: إيش فرعنك؟.. قال: ما لقيتش حد يلمنى!»، المثل المصرى الصميم واضح أنه جاء من عمق تاريخنا السحيق، ولا يزال راسخا فينا، فنحن نتقن البدايات، ثم للأسف نترك النهاية مفتوحة مع دعوات لله بأن «يسترها معانا»!.
ذهب فرعون، وأخشى أن فراعين قادمون، ذلك أننا «نعيب زماننا.. والعيب فينا»، نسينا أن مشوار الحرية طويل، والنهاية السعيدة تحتاج لسيناريو محكم، وإن كنا نريد أن نغمض أعيننا منتصف ليل 31 ديسمبر 2012، ونحلم بعام ملؤه البهجة والفرح، علينا أن نتقن كتابة سيناريو العام القادم، على ألا نترك لفرعون أن يكتب مشهد النهاية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة