أُسدل الستار على أنزه انتخابات شهدتها مصر منذ ثورة 1952، وكانت النتائج كما هو معلوم للجميع، فوز الإسلاميين بالأغلبية، وما ترتب على هذه النتيجة من التوافق على رئاسة الكتاتنى للبرلمان القادم، و«النور» للوكالة. واستحواذ «الحرية والعدالة» و«النور» على اللجان البرلمانية كان متوقعا وأمرا طبيعيا، ومن ينتقد ذلك من السياسيين غير منطقى، فالأغلبية فى أى نظام سياسى لها حقوق استمدتها من ثقة الشعب فيها.
لكن ما يقلقنى أن يُعجب أبناء التيار الإسلامى بهذه الأغلبية، ويستشعروا أنهم مُكِّنوا فى الأرض وجاء وقت الراحة بعد جهاد سنوات طويلة، فإن هذا الشعور حذر منه القرآن، ولعل خير دليل على ذلك، قول الله عز وجل «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين»، وقصة الآية معروفة للجميع، وكانت درسا قاسيا للمسلمين فى وقت التمكين، وهذا لابد أن يكون عبرة للإسلاميين، فالوقت وقت بذل للجهد والجهاد السياسى الآن أصبح فريضة، وليس وقت دعة وراحة.
ولابد أن يستحضر نواب الإسلاميين بالبرلمان، مدى ما حملوا من أمانة، ومسؤولية أمام الله والمصريين، ويتذكروا قول رسول الله لأبى ذر «يا أبا ذَرٍّ إنَّكَ ضَعِيف، وإنَّهَا أَمانة، وإنَّها يوم القيامَة خِزْيٌ ونَدَامةٌ، إلاَّ من أخَذها بِحقِّها، وأدى الذى عليهِ فِيها». ولابد أن يتيقن هؤلاء النواب أن المصريين ينتظرون الكثير منهم، فقد علق الشعب آماله عليهم، ويتوقع الناس أن الإسلاميين سيتقون الله فى كل كبيرة وصغيرة، وسينهضون بالوطن، وسيترفعون عن مغانم الدنيا، ومكاسب المناصب، ويتعففون عن المال العام ويرعون الله فيه، وليستشعروا أن الله محاسبهم يوم القيامة عن حقوق الشعب الذى وثق فيهم، وذلك بخلاف غضبة الشعب إذا فشل هؤلاء فى أداء الأمانة، فلن يكون الإسلاميون أعز على الشعب من نظام مبارك، فالسياسة التى تضع السياسى على مقعد الحكم، هى التى تضعه أيضا على أعواد المشانق.
وليكن شعار الإسلاميين فى المرحلة القادمة، ما قاله الخليفة الأول أبوبكر «أيها الناس إنى قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقوِّمونى، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم قوى حتى آخذ الحق له، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، أطيعونى ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيتهما فلا طاعة لى عليكم».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة