مر ما مر من الزمن منذ استقبال الجماهير للبرادعى فى مطار القاهرة وهتف الكثيرون باسمه كأيقونة للثورة المصرية، نظرا لمواجهته للنظام آنذاك بضرورة إجهاض مشروع التوريث ونواياه غير الصريحة وقتها ليترشح لرئاسة الجمهورية أمام المتهم الحالى "محمد حسنى السيد مبارك".. إلا أنه ورغم مواقفه الوطنية العديدة فقد رأى العديد وأنا منهم أنه خذل الأقربين قبل المؤيدين فى العديد من مواقفه التى لم تتسق مع المد الثورى شديد السرعة والذى يسبق المسار السياسى بفارق ليس بالطفيف، وكان آخرها إعلانه الانسحاب من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعد شوط كبير قطعه أنصاره وشباب حملته، وبعيدا عن ميلودرامية الموقف دعونا لا نقف أمام القرار وإنما أمام التوقيت وهو الأكثر أهمية نظرا لحساسيته، إن قرار البرادعى المبنى على قناعته الذاتية وضميره الخاص والذى لم يستشر فيه أحدا - طبقا لكلامه لى للعديدين ممن حضروا اجتماعه- لهو رسالة إحباط حقيقية للمشاركين فى المشهد السياسى.
يأتى القرار قبل 9 أيام من انعقاد أولى جلسات البرلمان الذى نختلف عليه ولكن لم نفقد الأمل فى القوى الثورية على اختلاف ألوانها فى قدرتها على التكتل والتجبيه تجاه تيار الإخوان المسلمين تحت القبة، طبقا لمشروعية اللعبة سياسيا.. فكأن الرجل يقدم لنا تأكيدا مسبقا بفشل هذه الجبهات أو التكتلات البرلمانية.
يأتى القرار قبل 11 يوما من 25 يناير المنتظر والذى تعمل القوى الثورية والسياسية كافة على إنجاحه كتأكيد على استمرارية الثورة ومحاولة إرساء أهدافها ومبادئها، وإظهار نضج الثورة من خلال مبادارات الوحدة السياسية وتوحيد الأهداف من خلال الأطروحات السياسية والاقتصادية مع التأكيد على سلميتها .
فيأتى البرادعى بتوقيت قراره وكأنه يقول لهم أنتم تؤذنون فى مالطة وتنفخون القرب المقطوع.. لا طائل مما تفعلون، سيبقى المشهد السياسى كما هو وعليكم أن تيأسوا كما يأست أنا وخذلت الكثيرين.
ألم يكن يستطيع البرادعى أن ينتظر بعد الـ25 من يناير يومين أو ثلاث مترقبا وبانيا قراره على ما سوف يحصل عليه شباب الثورة من مكتسبات لمصر كافة، أليسوا هم من دفعوا بمحاكمة المخلوع وأتوا بالحد الأدنى للأجور ودفعوا بظهور البرلمان وأطاحوا بحكومة شرف وحركوا الدعاوى القضائية ضد الإعلام الفاسد وخرجوا لكرامة المصريات، والأهم أليسوا هم من خلعوا مبارك !!! وإذا كان قدرنا -لا قدر الله- ألا ننجح فيما نخرج إليه فى هذا اليوم.. كان من الممكن أن يخرج علينا البرادعى بقراره فى ال11 من فبراير مع ذكرى سقوط المخلوع وتصبح رسالته السياسية أعلى صوتا وأكثر وضوحا بل وأشد وطأة على المجلس العسكرى وركبه، ألا أنه لم يرى هذه الزاوية أيضا ونسى أن توقيته الخاطئ سيشغل الإعلام والصحافة بقراره فى وقت لا يجب أن نرى أو نسمع فيه إلا المصلحة العامة وصوت مصر، لن يخرج الناس مطالبين بعودة البرادعى أو يحملون سيارته فهو ليس جمال عبد الناصر ولن يحمل على الأعناق فهو ليس غاندى، ولن تختزل القضية الوطنية فى شخصه أو فى شخوص آخرين.
الدكتور العزيز.. أحترمك ولن أؤيدك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة