فى 23 يوليو القادم تحتفل ثورة يوليو بعيدها الستين، هذه المرة الأولى التى تحتفل دولة بثورتين فى سنة واحدة، ثورة يناير وثورة يوليو، الفرق بين الثورتين 59 سنة وبين الاحتفالين ستة أشهر إلا يومين!
ولابد أننا الآن يمكن أن نكتب عن ثورة يوليو 52 بمنطق، وأن ننقدها نقدا يليق بها، وهذا مايجب أن يفعله متخصصون فى تاريخ وقصة الشعوب بالرجوع إلى وثائق وشهود ومعلومات حقيقية، لكن المؤكد أن ستين عاما جرت على أرض مصر قد أفسدت أكثر مما أصلحت، هذه نظرة أولى، ومستعد تماما لمن يقول لى إن العكس قد حدث، مؤكدا أيضا أن الأهداف الستة التى لم تحققها الثورة على الرغم أنها قامت لها أو عليها قد جرفت وانجرفنا معها إلى منحنى خطر يظهر الآن فى التعليم وفى الصحة وفى العلاقات الإنسانية وفى حال الناس وحال الشوارع وحال الدنيا، تدهورنا لاشك فى ذلك، ولدينا صور وأفلام وشهود على قيد الحياة أصحاب شهادات تصف ماذا كنا وكيف أصبحنا.
بدأت ثورة يوليو بفكرة الإطاحة بقيادات الجيش الفاسدة وانتهت فى يومها الثالث بتنحى ملك مصر فاروق الأول ونفيه خارج مصر على يخت المحروسة، وهكذا وجد مجموعة من الشباب أنفسهم على شفا حكم بلد كبير مثل مصر، فحكموها وحاكموا قائدها محمد نجيب بالنفى والعزل والاعتزال المهين!
حكم ناصر وطنا كبيرا تسبقه حماسة شاب وطموح فتى مصرى فقير جاء من أعماق الصعيد لعائلة متواضعة وبسيطة، فقاد ثورة تقوم على فكرة المساواة التى أودت فى السنوات القليلة التالية إلى سقوط أعمدة مهمة من حياتنا على رأسها التعليم والصحة والحياة الاجتماعية والفنون!
طموح ناصر كبير انتهى واختصر إلى محاولة إنقاذ وطن من نكسة عظيمة، 16 عاما من حكم ناصر صنعت البدايات الأهم فى تدعيم الحكم العسكرى وامتيازاته وسطوته وفكره وانتشاره فى كل أماكن الدولة، ودعمت الفكرة الأهم وهى الصراع على السلطة والنفوذ!
انتشرت الفوضى، إما عن جهل أو لإفراط فى ثقة، وكثيرا بسبب حماس طائش، ودفعنا أغلى ثمن.. نكسة 67، ومابعدها، فكيف يمكن تقييم التجربة؟ كيف يمكن أن نتعلم من دروس مهملة؟
نطرح سؤالا آخر: هل يمكن أن نجرب مرة أخرى لظروف طارئة نعيشها حكما عسكريا قادما من ثكنات بعيدة عن الشارع؟ أم يشارك فى حكم؟ أم يكتفى بدوره الاستراتيجى الأهم وهو حماية أمن الدولة بحدودها المشتعلة جميعها بالخطر الحقيقى؟
إن الإجابات المنتظرة يجب أن تكون بمنتهى الأمانة والضمير، بعيدة عن هوى وعن جنون وعن طيش يعصف بكل ماهو قادم، إجابات متناهية الدقة، تنتظر حكيما يجيب عليها، نحن نحتاج قوة تحكم لتعيد عناقيد الفوضى المنفرطة، فى نفس الوقت فى حاجة إلى فيلسوف له خيال شاعر ورؤية زعيم ليرسم مصر من جديد جميلة بإبداع، من حقنا أن نعيش فى حياة نظيفة وأنيقة، رفاهية الحياة ليست فائضا لا نستحقه، إنما حق لكل مواطن، أتصور أننا فى احتياج إلى حكم فيه رئيس مدنى يملك خيال الإدارة، ورئيس حكومة يملك حزم الإدارة، ومجلس شعب يملك حس الابتكار وليس مطاردة الجميع بالعصا ليثبت قوته أو وجوده.
لسنا فى واقع يفرض سقوط أى قوة الآن، كيان أو حزب أو جماعة أو حماس شخصى، الوطن يجب أن يحميه الجميع، بشرط كشف كل الأوراق على طاولة الوطن الآن!
هل يمكن إصلاح ماأفسده الزمن؟
الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم.. ماليزيا!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة