"ثورة الضحك" قصة قصيرة لـ"أحمد عبد المنعم رمضان"

الجمعة، 13 يناير 2012 07:30 م
"ثورة الضحك" قصة قصيرة لـ"أحمد عبد المنعم رمضان" أحمد عبد المنعم رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
-1-
نام الشعب طوال يومى الخميس والجمعة ابتهاجا بعيد جلوس الحاكم على صدورهم، فكرسى العرش الذى يمتطيه الحاكم مصنوع من صدور المواطنين التى أطبق عليها لمدة تزيد عن ربع قرن من الزمان، مزخرف ببعض عظام الأطراف، ومصنوعة مساند يده من جماجمهم المفرغة وملون بدمائهم غامقة الحمرة.

-2-
استيقظ الشعب يوم السبت، فلم يجد له طعاما يأكله، فعاد مجددا لينام لعله ينسى، لعله يشبع، لعله يجد له طعاما فى الأحلام.

-3-
استيقظ الشعب يوم الأحد جوعان متألما ممسكا ببطونه، فخرج إلى الشوارع فى مظاهرات جوع حاشدة.. حطموا الحواجز وعبروا الجسور وكسروا الأسوار وأكلوا كل ما فى الأرض.. فأمر الحاكم أن يأتوه بكراسى أخرى يجلس عليها.. وخرج رجال الأمن وقتلوا كل مار فى الطريق، سواء كان متظاهرا أم مؤيدا، ثائرا أم نائما، شبعان أم جوعان.. أطلقوا لقنابلهم المسيلة للدموع العنان، ولكنها لم تفد كثيرا.. فقد نفدت دموعهم ولم يعودوا يدمعون.. فخرجوا بشاحناتهم ودباباتهم ودهسوهم تحت العجلات.. واحتفظوا بعظم الصدر وبجماجمهم المفرغة وملأوا زجاجات ضخمة من الدماء.. وصنعوا بدلا من كرسى الحكم، ألوفا..

-4-
استيقظ الشعب يوم الاثنين، فدعاهم بعض المتنورين إلى تغيير أسلوب تظاهرهم.. فخرجوا فى الشوارع وتجمعوا أمام قصر الحاكم وهم يغنون أغانى مناهضة للحاكم ولنظامه العصابى بصوت عال ثائر مثل صوت فريسة تستنجد بأهل الغاب لينقذوها من أنياب الأسد ملك الغاب.. كانت أصواتهم تمتزج فيها نغمات الحزن بنغمات الجوع.. فإذا بالحاكم يخرج من النافذة ويرقص على أنغام أغانيهم ويطالبهم بالاستمرار.

-5-
استيقظ الشعب يوم الثلاثاء، والجوع قد وصل مداه.. والأرض تصرخ من الطغيان وتستغيث بأهلها.. فلبى الشعب نداء الأرض وخرج سريعا إلى الطرقات، حرقوا المصالح الحكومية، أشعلوا النار فى السيارات، حولوا البلد إلى كتلة نار ضخمة، وأطلقوا لهيب صدورهم ليحرق كل مكان.. فإذا بالحاكم يأمر رجال أمنه بإكمال ما بدأه الشعب وبإحراق ما تبقى من مبان ومن أشخاص.

-6-
استيقظ الشعب يوم الأربعاء، وهو لا يدرى ماذا يفعل.. خرج وتجمع فى الساحات، توجه إلى قصر الحاكم المحاصر بالدبابات.. ابتسم أول رجل فى أول صف، فابتسم له الباقون.. ثم ضحك بصوت عال، فضحك معه الباقون.. وعلا صوت الضحك فى الأجواء.. فخرج الحاكم من مرقده عصبيا وشرايينه نافرة خارج رأسه العتيق، وأمر بمنع الضحك، فلم يمتنع المصطفون.. فنظر حوله فإذا برجال الأمن قد انضموا هم أيضا للضاحكين.. وصوت الضحك يعلو وهو العابس الوحيد.. فصرخ عدة مرات ثم مات.. مات ووجهه عابس، وعاش الشعب وهو يضحك ضحة ثائر منتصر منهار.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة