اعتدت منذ سنوات على أداء صلاة العيد ببلدتى ببا بمحافظة بنى سويف، وبالرغم من بهجة العيد، ومقابلة الأهل والأصحاب فى الصلاة، إلا أننا فى الأعوام الماضية كنا نستشعر أن خطواتنا وحركاتنا وسكناتنا محسوبة علينا، من أزلام أمن الدولة من المرشدين والمخبرين ورئيس المكتب بنفسه، وكانت الصلاة تنتهى غالباً بموقف مأساوى إذا قام شاب من شباب التيار الإسلامى أو الإخوان بتوزيع التهانى باسم الجماعة، أو بيان يوضح موقفا ما لهذه الجماعات، أو حتى بيان لحزب سياسى، فنجد أن المخبرين ينطلقون كالصقور نحو من ارتكب هذه الجريمة ليذيقوه العذاب ألوانا، وبعد سحل من يقترف هذا الإثم، يتم اقتياده لمقر أمن الدولة حيث يقضى عيدا مختلفا عن المتعارف عليه عند كل البشر.
كما كان من التيمات المتعود عليها أن إمام وخطيب العيد يرفع الدعاء لمبارك وضباط أمن الدولة، شاكرا جهودهم من أجل مصر والمصريين!، وذلك فى وسط دهشة الحضور الذين يتهامسون بالدعاء على الظلم والظالمين.
لكن عيدنا هذا العام كان له طعم آخر، فقد سقطت قيود الخوف، وارتفعت أصوات الحرية، وتحولت ساحة صلاة العيد لمحفل اجتماعى وسياسى فقد انهالت البيانات، من مختلف القوى السياسية والإسلامية، على جموع المصلين الذين تناولوها بالتحليل والثناء عليها تارة، أو النقد تارة أخرى. أكثر ما أعجبنى جو الحرية الذى تمتع به الجميع، فالكل حر ولا يستشعر أن عليه رقيبا يعد عليه أنفاسه، كما كان من أجمل الأشياء فى ساحة المصلى هذا العام، اختفاء كوادر وقيادات ونواب الحزب الوطنى المنحل، خاصة أعضاء المجالس المحلية من المشهد، الذين استحوذوا على النصيب الأكبر من الكراهية، لأنهم كانوا يمثلون مخالب هذا الكيان المجرم.
لقد استشعرت فرحة العيد هذا العام بكل معانيها، لكن جال بخاطرى مجموعة من المخاوف، على رأسها محاولات الفلول للنيل من هذه الثورة، التى منحتنا معانى الإنسانية من جديد، وأيضاً الخلافات التى تنشب بين القوى السياسية المصرية، بين الحين والآخر، وتُعرض مستقبل مصر السياسى للخطر، وذلك بخلاف المتربصين بالوطن من الخارج، فمنذ قيام ثورة 25 يناير، وجدنا كل المتربصين بالوطن، يسعون ليل نهار من أجل النيل من الشعب المصرى، محاولين شق صفه وتمزيق أوصاله، لذا وجدنا تارة أصابع خبيثة تتلاعب بالفتنة الطائفية، وتارة من يحاول زرع الوقيعة بين الثوار والجيش، وتارة أخرى وجدنا بعض الدول العربية، تحاول إنقاذ مبارك وعصابته من سيف القصاص، إنها مخاوف تنغص علينا فرحتنا بهذه الثورة، ولابد أن نواجهها بكل حسم.
فنعمة الحرية ومنة الديمقراطية، تجعلنا نجتهد للمحافظة عليهما، وذلك يستوجب علينا حماية الثورة من أعدائها، وإيجاد صيغة توافق بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية، حتى نخرج بسفينة الوطن لبر الأمان، فمصر للجميع لكن مصلحتها أيضاً لابد أن تكون فوق الجميع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة