يحب الله المحبين. يرعاهما. يتقبل دعاء اثنين على وشك الحب، ليصبح الحب بهما وبينهما حياة.. وبيتًا، يمد الله المخلصين منهم بمشاعر تتجاوز حدود العقل والقلب معًا. خلق الله الحب، ليبقى الحب، ونبقى معه على حب. وحين ينتهى الحب، حين نتصور أننا نملك أن نقول إجابة عن سؤال عن الحب.. إنه انتهى و«رحل أمس فى ظروف غامضة». سوف نعلن وقتها وفاة الحياة ذاتها، وفاة آخر ما نملك من أمل فى عتمة الأيام الصعبة.
لا يموت الحب ولا ينتهى ولا ينام ولا يذهب فى إجازات صيفية، ولا عطلات نهاية الأسبوع ويتركنا فى البرد والوحدة. إنه منحة الله التى لا ترد، لا تموت ولا تنتهى ولا تتركنا آخر الليل دون أن تطبطب علينا وتتركنا مع أحلامنا السعيدة.
الحب هو أن تجد ذهنك صافيًا تمامًا، لكنه مشغول بإنسان آخر لم يكن من اختيارك.. لكنه كان قدرك، تنشغل بأدق التفاصيل الصغيرة التى تسعده ولا تغضبه، تنشغل بالقلق عليه إذا غاب، بالسؤال عنه إذا رحل، بالبحث عنه إذا ذهب!
هذه الأحاسيس المرهفة النبيلة اسمها الحب، وكل إنسان مهما كان عاش تلك الحالة التى تشبه الضعف.. لكنها منتهى القوة! يسأل قلب الأم عن الحب! يسأل قلبها الحنون الذى خلقه الله فى أروع صور الخلق.. كيف يبكى إذا تألم طفلها وكان على مسافة أميال بعيدة عنها؟ الحب، هو الحب، هو أعلى وأرفع ما يملك الإنسان من قيمة، الحب فى الإنسان هو اتحاد العقل والقلب معًا فى رعاية ودعم الحب.
الحب يوقظه الاهتمام به.. الدقة فى التعامل مع تفاصيله الصغيرة، الصبر عليه، سعة الصدر نحو أخطائه وهفواته، والوقاية فى الحب خير من العلاج، الوقاية هى أن يرى الحب الشمس فنتعامل معه بالصراحة وليس بالكذب، وأن نداويه من جروحه أولاً بأول.. حتى لا يتحول الجرح إلى عاهة مستديمة أو مرض ميئوس من الشفاء منه!
الأغلبية فى حياتنا يتعاملون مع الحب بدون شهادة تأمين على الحياة، فهو حب جارف.. حتى يثبت العكس فنلعنه، ونلعن اليوم الذى أحببنا فيه، والذى عرفنا فيه الحب، ونلعن الحب ذاته، ونلعن المحبين.. كما نسخر منه ومنهم كلما تيسر. ثقافة الحب مفقودة! ألف.. باء.. الحب، لا نملك شهادتها، نحن نحب بالكاد بشهادة محو الأمية، وثقافة الحب أن تحب، بكل مشاعرك.. بكل طاقتك.. بكل ما أنت!
ثقافة الحب أن تكون أنت.. أنت، وأن تكون فطرى الأحاسيس، لكنك فى كل الأحوال مسؤول. الحب مسؤولية.. مسؤولية الالتزام الأخلاقى التى تجبرك على أن تحب من تحب فقط.. وألا يكون له فى الحب شريك، وأن تتحرك فى الاتجاه الذى يحول الحب من اختبار للمشاعر فى مراحله الأولى.. إلى اختيار للإنسان الآخر فى مراحل تالية.
يحتاج الحب إلى جهد لتعثر عليه، وجهد لتحافظ عليه، وجهد ليكبر مثل طفل أمام عينيك، لا يأتى الحب صدفة، ولو توهمنا أنه يحدث، لكننا فى الأصل نفتح له النوافذ والأبواب لعله صدفة يدخل!
لا يأتى الحب ولو صدفة لإنسان لا يؤمن به، أو يرفضه، أو لا يريد أن يعيش قصته، يأتى.. لمن يحب الحب!
ثم، نصلى من أجل أن يدوم، ونرعاه بالكلمة والمعنى والعطاء والحب.. من أجل أن يبقى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة