إلى متى هذا الانقسام والتشتت، إننى أتشاءم يومًا بعد يوم، ما الذى يحدث، ألم يعد هناك أى شىء مشرق فى بلدى، الظلام يسود والآراء الهدامة وغير المستنيرة هى التى تقود الجماهير نحو المجهول، هل هذه مصر التى كان يقال عنها: دولة مؤسسات أصبحت خواء!!.. ثم متى تعود الشرطة؟!.. وإلى متى هذه المليونيات التى تحولت إلى كوابيس فى مسيرة الشعب المصرى وطموحاته، والتجاوز أصبح لغة سائدة وسمة من السمات التى تتصاعد يومًا بعد يوم، وقد بدأت الناس بالفعل تستشعر الخطر وترفض التجاوزات وحتى الحكماء يرفضون هذا الأسلوب، فكل يوم هناك تلويح بالمليونية وتهديد بالمعارضة التى أصبحت معارضة كل شىء يقال وكل قانون وكل فكر يمكن أن يكون محل مناقشة، هذا الوضع يذكرنى بكلمة قالها أحد الدعاة فى إحدى خطب الجمعة الماضية، عبر فيها عن الحال الذى وصلنا إليه فى مصر، كان يقول فى حدة ومباشرة، إننا أمة وصلت إلى جهل الجاهلية.. هذا التصريح الصادم.. نحن كنا فى حاجة إليه، فنحن فى وقت إعادة ترتيب البيت من الداخل ومن الخارج، وكل ما نطلبه هو المصارحة والمصالحة مع بعضنا البعض، لم يعد للنفاق وجود، ولم يعد للكذب معنى، وقد ضللتنا هذه المفردات، حتى صرنا كأننا فى صحراء، حيث غاب الأمان وابتعدت سفينة الاستقرار، والمتتبع لما يحدث فوق أرض مصر حاليًا، يجد عشرات الحلول ومئات الفتاوى السياسية وتضاد الأقلام وصراع الحلول ما بين مؤيد ومعارض، لم نعد نعرف شكلًا واحدًا للتوحد، ولم نعرف بعد صورة واضحة للعلاقة بين الأحزاب والائتلافات الثورية والحركات السياسية النشطة من جهة وبين الشعب والشارع المصرى من جهة أخرى، وبين هذا وذاك تجد الإضرابات والانقسامات والتظاهرات وكل مظاهر الاحتجاجات تسود بشكل عام.. والتى قد يتدخل فيها الراغبون فى تدمير المجتمع والمأجورون الذين لا تعرف مدى نواياهم.. فهم فى كل العصور ضد الشعب وضد مستقبله، هؤلاء أعداء الأمة لا تجد أملًا إلا ويطفئونه ولا تستبعد أى مخالفات يقومون بها، حتى لو وصلت إلى حدود تهديد الأمن القومى لمصر، وخاصة مع غياب تفعيل قانون الطوارئ، الذى أرى أن وجوده اليوم يعتبر ملحًا وضروريًا فى بلد بلا رئيس وبلا مجلس شعب وبلا مجلس شورى، والذين يرفضون قانون الطوارئ، هل يتخيلون كيف يمكن أن تقام الانتخابات البرلمانية، خلال أيام؟!
ويعقبها إجراء انتخابات الرئاسة، وفى الظروف العادية لهذه الانتخابات لا يغيب عن ذاكرتنا كم الصراعات التى تحدث، وكم الأزمات التى قد تصل إلى حد القتال، أما فى ظروفنا التى تعيشها مصر حاليًا.. ووسط التحديات الخارجية والداخلية، أصبح حجم المخاوف كبيرًا.. لأننا ببساطة أصبحنا لا نعرف من معنا ومن ضدنا، الحصار كبير من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وأمامنا أكثر من معركة فى الداخل أهمها معركة مصر ضد الفساد، وقد حسمها الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء حين قال عن معاركنا الداخلية والخارجية وقال عن قانون الطوارئ إنه لن يمس إلا من هم ضد ثورة 25 يناير، وهم بالتالى ضد مصر وشعبها وسبل نهضتها، أما الهم الخارجى فقد حسمه «شرف» بمنتهى الحكمة حيث أكد أن اتفاقية كامب ديفيد ليست وثيقة مقدسة ومن الواجب إعادة تقييمها وإعادة النظر فى بنودها وتطويرها، فكثير من شروطها يحتاج إلى التطوير، فعلى مدى السنوات التى هى عمر اتفاقية السلام «كامب ديفيد» تغير كثير من المعطيات فى العمل السياسى وتغيرت الخرائط وتبدلت وتطورت أمور وليس هذا ما يشكل خطرًا بين طرفى الاتفاق لأن تطوير الوثائق الدولية والمعاهدات مهم وضرورى، وعند هذه التصريحات التى خرج بها رئيس الوزراء أرى أن الحكومة تسير بخطا ثابتة نحو تفعيل ما يهم الوطن وما يعى بنود المستقبل وشكل الحياة للأجيال القادمة التى تريد أن تستفيد من الثورة، فالكل يسعى لأن تكون الثورة فاعلة وضاربة فى جذور كل الحركات الشعبية ومغيرة لكل شىء حتى لا يبقى من الثورة مجرد استبعاد الرئيس السابق مبارك والقضاء على التوريث، لأن الثورة أكبر من ذلك ولابد أن تكون أبقى وأكثر قناعة لكل فئات وطبقات الشعب، ومازلت أتساءل وسط كل هذه المعطيات المطروحة أمامنا.. ألا يوجد من يوحد الأمة؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة