ساد الشارع المصرى خلال المرحلة الأخيرة، بعد نجاح ثورة 25 يناير، حالة من القلق على مستقبل مصر السياسى، وذلك بسبب حالة الصراع بين القوى والأحزاب السياسية، فالكل يحاول إثبات أنه الأقوى والأجدر على فرض رؤيته على باقى المنافسين، وبالطبع أى عاقل لا يرفض المنافسة من أجل إثراء مصر سياسيا، لكن ما نرفضه أن تتحول هذه المنافسة لصراع يرفع فيها كل فصيل شعار «أنا وبعدى الطوفان»، متناسين أن هناك وطنا مازال يعيش فى أزمة، ويحتاج للخروج من كبوته التى أُغرق فيها بسبب سياسات نظام الطاغية مبارك ونظامه الفاسد.
وما يشعرنا بمزيد من القلق أن هناك حالة من المراهقة السياسية تغرق فيها معظم القوى والأحزاب من أقصى اليمين لأقصى اليسار، فتارة نجد حربا شديدة الوطيس بينهم بسبب تصريحات غير ناضجة لأى قيادة من القيادات، ثم تسفر هذه الصراعات عن مليونيات متعددة، تختلف فى مسمياتها والداعين لها، لكنها تتفق فى هدف إثبات الذات، والتأكيد على أن الداعين لهذه المليونيات هم الأقوى تأثيرا فى الشارع وأن برنامجهم هو الأولى بالاتباع، حتى لو خالف ذلك ثوابت تم الاتفاق عليها.
والأخطر فى الأمر أن الكل يتناسى أن هناك أعداء بالداخل والخارج متربصين بالجميع، وينتظرون لحظة شتات القوى السياسية، حتى يجهزوا على الجميع، ويقضوا على ثورتنا العظيمة، لذلك لابد أن نعترف بأن حالة الصراع التى تعيشها هذه القوى، ستغرق الوطن فى وحل الخلافات ونيران الانشقاقات، وتتيح الفرصة لفلول الوطنى المنحل أن يتلاعبوا بالساحة السياسية، فالعقل يحتم على الجميع أن يعيدوا الصورة الوردية لهذه القوى فى ميدان التحرير، قبل التنحى، فالكل كان فى واحد، ولا صوت يعلو على صوت مصلحة الوطن، ورأينا بأعيننا اندماج الإسلاميين واليسار والليبراليين، بل لم يستشعر أحد أن هناك مسلما ومسيحيا فالكل مصرى، وعلى استعداد للتضحية بروحه من أجل أن تتخلص مصر من رق الاستبداد والديكتاتورية، ضاربين للعالم أروع الأمثلة فى وحدة الوطن، لذلك كلل الله هذه الجهود بتحقيق المستحيل وإزاحة نظام لم يتصور أحد إزاحته عن صدور المصريين فى يوم من الأيام.
ومن الظاهرات السياسية التى تزعجنى، وأظن أنها تزعج الكثير، حمى تأسيس الأحزاب، وقبل أن أخوض فى هذا الأمر، لابد أن أؤكد على تمسكى بمبدأ حرية إطلاق الأحزاب، فهذا حلم كنا ننتظره من زمن بعيد، لكن ما أستنكره التفتيت للقوى السياسية الواحدة فى أكثر من حزب، فمثلا وجدنا شباب الثورة يؤسسون أكثر من 5 أحزاب، فى حين أن كثيرا من المصريين كانوا ينتظرون تأسيس حزب واحد يمثلهم، وينخرط فيه كل القيادات الشابة، وأظن أن الشعب كان سيرد لهؤلاء الشباب الجميل بتمثيل مشرف لهم فى المجالس البرلمانية، وأيضا وجدنا تفتيتا للقوى اليسارية بأحزاب متعددة لا نعلم مدى جدية مستقبلها، بل وصلت هذه الظاهرة البغيضة للتيارات الإسلامية، فوجدنا السلفيين يطلقون أكثر من 3 أحزاب، من المفترض أنها ستنافس بعضها البعض بالرغم من أن أهدافهم ومبادئهم ووسائلهم واحدة، ولا أدرى أين صوت العقل لدى هذه القوى، أليس الأولى بهم توحيد صفهم وقوتهم، حتى يكونوا فاعلين بقوة فى الحياة السياسية، ويفرزوا لنا برامج سياسية تخرجنا لبر الأمان، وتنجى الوطن من ظلمات الصراع السياسى.
لابد أن نحكم صوت العقل، ويقدم الجميع تنازلات حتى يحدث توافق وطنى، يخرج من رحمه انتخابات برلمانية، ودستور يليق بدم شهداء ثورتنا العظيمة، ومستقبل مشرق نحافظ من خلاله على مكاسب ثورتنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة