إعلان عادى عن بيع شقة، فى جريدة إعلانية مجانية شهيرة، الإعلان يتضمن مواصفات الشقة الفخمة من حيث المساحة، والموقع المتميز فى المنطقة الراقية من حى المعادى، والسعر المطلوب.. حتى هنا والأمر عادى، أما غير العادى فهو أن يذيل الإعلان بجملة «يفضل المسيحيون»!.
ألهذهِ الدرجة وصلنا؟! السكن على أساس الديانة، تقسيم طائفى علناً! كيف يفكر بائع لشقته أنه يفضل فيمن يسكنها بعده أن يكون مسيحيا أو حتى مسلما؟! وكيف قبلت الجريدة نشر إعلان يحرض على الطائفية كهذا؟!
فى الوقت الذى ينشغل فيه إعلامنا بمتابعة مباريات السياسيين والنخبة حول الدستور والانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومن الذى أنزل العلم ومن الذى رفعه، وفى الوقت الذى يفقد فيه الجمهور شيئا فشيئا إيمانه بإعلام النخبة، الذى يتبارى فى نقل صراعات بعيدة تماما عن عمق المجتمع وأمراضه؛ فى هذا الوقت يتوغل مرض الطائفية ليتمكن من مجتمعنا المصرى، الذى قد ينتهى من الاحتفاء بثورة ليجد نفسه فريسة لصراعات طائفية، نرى بوادرها وننكرها؛ إما لأننا لا نصدق حجم توغلها فى المجتمع، أو لأنه لا أحد يهتم، ولا أحد يفكر، الكل يجرى وراء الحدث الأكثر سخونة، أو وراء المهووسين بالشهرة، أو حتى.. راكبى الموجة الذين يتقنون الظهور فى كل زمن.
كلما وقعت حادثة طائفية قدمنا التحليلات التى هى مجرد دفن للرؤوس فى الرمال، وحين تبرد «نار الحدث» لا يفتح شهية «التوك شو» أو البرامج التحليلية، مع أن الأمر جد خطير، وبكل وضوح: الإعلام المصرى الرسمى والخاص، تقع عليه المسؤولية، بل كل المسؤولية، فى حماية مجتمعنا من وحش الطائفية، النار قادمة.. تزحف إلينا، وكلنا مسؤولٌ أمام نفسه ومهنته وشعبه، فحين «تقع الفأس فى الرأس» لن ينفعنا اللوم، حملة قومية تبتغى وجه الله والوطن، وحدها هى التى ستنقذ الباقى من وحدة شعبنا، حملة تستهدف دعم إيمان المصريين بمصريتهم.. لا فرق بين مسلم ومسيحى، سيناوى أو نوبى، قاهرى أو مطروحى.
التأكيد على الهوية المصرية، ووحدة المجتمع المصرى، هى الجهاد الأعظم الآن، وهى مهمة الشاشة بكل تأكيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة