الأمل الوحيد الباقى أن يستيقظ أغلبية الشعب فى وقت واحد، مطالبين بإنقاذ مصر من ضياع مؤكد، فقد انفرط عقد الأخلاق.. فأصبح كل شىء مباحًا، نتبادل تهمة الخيانة لأهون سبب، نمارس الحرية على طريقتنا، وهى حرية (من ليس معنا فهو ضدنا)، هذه ليست الحرية التى تمهد لبناء وطن.. إنما تؤكد أننا نهدمه بأيدينا!
يلعب الإعلام دورًا مريبًا فى وضع ملح على جرح مفتوح، والأصل فى حال وجود أخلاق أن يقوم الإعلام بدور طبيب يداوى وينصح ويعالج وينظف وينير الطريق إلى المستقبل، الإعلام قد ترك انطباعًا بحزن عام فى الوطن، وصدمة، وحيرة، وخوف، لم ينجح أحد فى أن يمنح المشاهد أو القارئ ثقة فى أن الصورة سوف تكون أفضل، لم يمنح المشاهد أو القارئ خارطة طريق يضمن بها إنقاذ بلدنا.
العقل يؤكد أننا فى وقت صعب، يجب أن نتعامل جميعًا بحكمة، أن نضع أمانينا الشخصية فى طبق جانبى على المائدة، أن نعرف ماذا سنقول قبل أن نقول، الكلمة تفرق، التصريح يفرق، الخبر يفرق، الشائعة تفرق، لسنا فى مساحة مستقرة تسمح بامتصاص الصدمات التى تحدث من تجاوز أو انحراف، إنما نحن على شعرة، انقطاعها كارثة!
مسؤولية كل مواطن مصرى الآن واضحة: أن يخاف على بلده، ومن باب التكرار الذى يعلم الشطار أقول: هذه بلدنا، وليس لها غيرنا، وليس لنا غيرها، ومن يجرب الحياة خارجها يعرف كم هى قاسية بدونها، وكم نفقد الكثير إذا فقدنا قيمة واحترام بلدنا، بعض الناس يتوهمون أن مصلحتهم تقف بين اختيارين: أن يستمروا فى تهورهم للحصول على قطعة من الوطن مهما كان الثمن، أو أن يغرق الوطن فيحملوا تأشيرات خروجهم إلى بلاد أخرى لهم فيها مصالح أخرى، لهم أقول: إن القيمة الحقيقية يستمدها الإنسان من قيمة بلده وقوتها ومكانتها، حال سقوطها يسقط مواطنها مهما كانت التأشيرة التى يحملها إلى بلد وعدته بجنتها!
أرى مذبحة تقام على ناصية وطن صحته واهنة، كل من يملك ذبح الآخر يفعل بأعصاب جافة، ودم بارد، المشهد غياب أخلاق، لن أذهب إلى الأمنيات العاطفية التى أظن أنها قد انتهت للأبد بعودة الأخلاق، أو الشهامة، أو النبل، أو أبكى على أخلاقنا الضائعة، فليست تلك أخلاق المصريين بكل أسف، إنما أخلاق قدمتها لنا أمريكا فى سنواتها العشر الأخيرة بكل وسائل إعلامها فى الداخل والخارج، الحل هو أن أنبه إلى أهمية أن ننهض بشكل عملى لإنقاذ بلدنا، وبالتالى إنقاذ أنفسنا من هاوية نحن على حافتها بالفعل، أن يتبنى كل مواطن مصرى نفسه فيقسم أنه سيفعل كل ما فى وسعه من أجل إنقاذ بلده، لا أتمنى أن ندخل فى حرب حتى نستعيد أنفسنا ونقف صفّا واحدًا ضد قوة خارجية، فنحن نعيش حالة حرب أكثر خطورة، عدوها مجهول، وتدعونا أن نقف صفّا واحدًا قلبًا واحدًا عقلاً واحدًا الآن حتى ننتصر، وحان وقت القسم، حان وقت أن ننظر فى المرآة فندرك أنه من العيب ومن النقص والشذوذ أن نختلف فى الرأى فألعنك وتلعننى، ونصبح أعداء فى وطن واحد، لو عندى أوصاف أخرى لهذه الحالة المريبة لوصفت، كيف هانت علينا أنفسنا إلى هذا الحد، ماذا سقط منا لنصبح بهذه القسوة وهذا العجز عن تقبل الآخر مهما كان رأيه ورأيك، فكلنا كما أفهم فى حب الوطن واحد، وهدفنا فى أول وآخر الأمر واحد: بلد مستقر قوى نعيش فيه معًا فى أمان، نستلهم منه وقتًا من السعادة، لنا فيه رزق، وأمامنا فيه حياة.
نبدأ بالأخلاق أولاً، نبدأ بالمصالحة بين الجميع أولاً، هذه دعوتى أطلقها من هنا، لعل وعسى، دعوة لكل مصرى، لن تعيش مصر إذا استمر الصراع عليها بكل هذه القسوة.
هل لأحد غاية أخرى يسعى لها.. ولا نعرفها؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة