السيد شحتة

كل سنة وأنتِ طيبة يا أم الشهيد

الأربعاء، 31 أغسطس 2011 10:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى العيد كما فى غيره من الأيام، ألمح فى عينيكِ بقايا حلم مكسور، وعرس تحول إلى مأتم كبير، برصاصة غادرة من شرطى اختار طاعة مأموره على رضا ربه، ولم يفكر للحظة واحدة كيف ستستقبل أم خاتمة حاضرها ومستقبلها ملفوفة فى علم مصر والدماء تتساقط منها من كل جانب.

لم يخرج كل شهداء الثورة من أجل أن ينطقوا كلمة الكفر بمبارك ونظامه، فالكثيرون كما نعلم جميعاً خرجوا طلباً للرزق وسعياً وراء جنيهات قليلة تكفيهم ذل الحاجة فى زمان أوجع فيه الغلاء الغنى قبل الفقير، فإذا برصاص الشرطة وقنابلها المسيلة للدموع التى أغرقت كل شبر فى مصر خلال جمعة الغضب تطالهم وتنقلهم فى ثوانٍ معدودة من عداد الأحياء إلى الأموات، ونحسبهم جميعاً بإذن الله شهداء، دفاعاً عن الوطن وطلباً للرزق.

واليوم إذا كنا جميعاً نلهو ونلعب والفرح يملء قلوبنا، خاصة ونحن نتذوق طعم أول عيد بعد الثورة، فإننا لا يجب أن ننسى أم الشهيد التى دفعت الثمن غالياً من دم أبنائها كى ننال نحن حريتنا وننعم بالأمن الذى طالما افتقدناه كثيراً والكرامة التى ظللنا نسمع عنها دون أن نعرف لها طعماً.

أعلم أننا مهما فعلنا، فإننا لا يمكن - خاصة فى هذه اللحظات - أن ننتزع من قلبك يا أمنا الغالية ذرة واحدة من الحزن على فقدان أغلى وأعز الناس، والذين طالموا كانوا إلى جوارك فى مثل هذه الأيام المباركات.. أقدر جيداً يا أمى المشاعر السامية والأحاسيس المرهفة التى تنتاب كل ذرة من كيانك الآن، والتى يجب أن نتوارى نحن جميعاً أمامها خجلاً.. أدرك جيداً أن الفقيد هو ابنك، وأنك اليوم وغداً وبعد غد سوف تبقين أم البطل.

أستحلفك بالله يا أمى أن تذكرى جيداً مقام ابنك الرفيع عند الله تبارك وتعالى فى هذه اللحظات الطيبة، فهو إن لم يكن قد خرج للدفاع عن وطنه وقول كلمة حق عند سلطان جائر، وهو خير الجهاد، فإنه على أقل تقدير كان يسعى من أجل رزقه قبل أن يطلقوا عليه رصاصهم الذى لا يرحم.

أظن أنك تشعرين بقدر كبير من الفخر وأنت الآن ترين بعينك أثر دماء فقيدك الغالى، وهى تطهر كل شبر من أرض مصر من الفساد والظلم والمحسوبية الذى غطته طوال السنوات الماضية.. أحسب أن كل من حولك اليوم يدينون إليك بكل التقدير والعرفان بعد أن منحتيهم الفرصة لأن يذوقوا طعم الحرية التى حرموا منها لسنوات طوال.

اليوم يا أمى اسمحى لنا جميعاً أن نقبل جبينك الطاهر وأن نتبرك بكل حبة تراب داستها أقدامك الطاهرة، وأن نغتسل من خطايانا بكل دمعة من دموعك الغالية، وأن نستشعر حجمنا الحقيقى ونحن نبصرك وأنت تتحركين أمامنا فى كل لحظة، وبقلبك قصة حياة ابن وشهيد وبطل حملتيه فى عقلك وقلبك حتى قبل أن يصبح جنيناً فى أحشائك.

ابكى يا أمى فالدموع لحزنك ووجعك خير مطهر حتى فى الأعياد، لكن رددى بقلبك قبل لسانك معنا "أنا أم البطل"، "أنا أم الشهيد" لتحولى آلام الفراق إلى طاقة للصبر ورصيد للاحتمال، واعلمى أن بعد الفراق لقاء وإن طال وقت السفر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة