هانى صلاح الدين

مليونية الإسلاميين ودروس مستفادة للقوى السياسية

الأربعاء، 03 أغسطس 2011 04:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن المشهد التاريخى الذى رأيناه جميعا يوم الجمعة الماضى بميدان التحرير، وتوافد الملايين من الإسلاميين على الميدان، يؤكد لنا أن هذه القوى متجذرة فى الواقع، وأن الشعب المصرى منحاز لها بكل قوة لها، ولعل نتائج الاستفتاء ثم هذه المليونية خير دليل على ذلك.

هناك أسباب جعلت الأغلبية الصامتة من المصريين ينحازون للرؤية الإسلامية، فقد جرب الشعب منذ قيام ثورة يوليو أنظمة الحكم الشرقية والغربية، ولم يجنوا منها إلا كل فساد سياسى وانهيار أخلاقى، ولم تزدنا هذه النظريات الحاكمة إلا تيها، ولم نجد نموذجاً خرج بأمتنا من ظلمات المادية التى أغرقنا فيها، وازددنا تخلفا وأصبحنا فى ذيل الأمم، وجاء الدور للعودة للنبع الصافى الذى جعل العرب قادة العالم، وجعلنا نتصدر مشهد الأمم.

هذا المشهد المليونى لابد أن يدفع الكثير من القوى السياسية، لمراجعة موقفهم وأنشطتهم، وأن يراجعوا برامجهم وأن يعملوا على تعزيز مكانتهم فى الشارع، وألا يكتفوا بالمناظرات فى الحجرات المكيفة، فمن مصلحة الوطن أن تقوى كل القوى السياسية، حتى تكون هناك منافسة حقيقية، تصب فى مصلحة مستقبل مصر.

وعلى القوى السياسية أيضا الاعتراف بأن الإسلاميين نجحوا فى توطيد علاقتهم بالشارع المصرى، من خلال الخدمات التى قدموها للمجتمع، فى الوقت التى تخلت الحكومة عن دورها فى ذلك، وأيضا فشلت هذه القوى فى الالتحام بالشارع، واكتفوا بالمعارك على الفضائيات، وشن حملات التجريح والسب للإسلاميين، دون النزول للواقع المصرى ومشاركة البسطاء مشاكلهم الحياتية.

كما لابد أن تتعلم القوى السياسية من مليونية الإسلاميين، الانضباط التنظيمى، فقد ظهروا أمام الكاميرات على قلب رجل واحد، لم يختلفوا ولم يتنازعوا فيما بينهم، تحركاتهم وسكناتهم منضبطة بأوامر القيادات، فى حين رأينا فى مؤتمر القوى السياسية الصحفى الذى أعلنوا فيه انسحابهم من الميدان، اختلافات حادة حول من سيتحدث باسم هذه القوى، كادت تصل للاشتباك.

بل على القوى السياسية أن تتحرك فى الأيام المقبلة قبل الانتخابات، ولا تكتفى بتعلية صوتها للمطالبة بتأجيلها، وإلا فسيختفون من على خريطة المجالس البرلمانية والمحلية، ولا غضاضة فى اندماجهم بتكتلات سياسية وتحالفات تضم فى طياتها إسلاميين.

لابد أن تعى ائتلافات الثورة والأحزاب والقوى السياسية، أن رجل الشارع المصرى بدأ يضيق ذرعا من التصرفات السياسية غير الناضجة من البعض، مثل التصعيد ضد الجيش وافتعال معارك معه، والاعتصامات المستمرة بميدان التحرير، بالرغم من الاستجابة لكثير من مطالب الثوار، وأيضا من المظاهرات الفئوية المستمرة، وحالة الاضطراب وعدم الاستقرار التى تجتاح الوطن.

وأرى أنه ليس هناك أى داع لاستمرار الاعتصام بالتحرير فى رمضان، ولعل ما أقدمت عليه قوات الأمن والجيش من فض الاعتصام يوم الاثنين الماضى، كان دافعه الأول تأييد الشارع لهذه الخطوة، وإن كنت أرفض الأسلوب الذى تم به فض الاعتصام، لكننى مقتنع بأن أى خطوة سياسية بعد الثورة، يقدم عليها أى فصيل سياسى، لابد أن تكون مدروسة بشكل جيد، حتى لا تأتى بنتائج عكسية تأخذ من مكاسب الثورة.

كما أرى أن على وسائل الإعلام أن تعى درس مليونية الإسلاميين، وألا يهمشوا رموز التيارات الإسلامية، وألا يكتفوا فى برامج الـ«توك شو» بإبراز الآراء المخالفة للإسلاميين، فهم قطاع كبير من هذا المجتمع، ولابد أن يكون لذلك الأمر صدى واضح فى وسائل الإعلام.
لقد انحاز الشارع المصرى بوضوح للتيار الإسلامى بمختلف أجنحته، وما بقى علينا جميعا إلا الانصياع لإرادة الشعب، كما علينا المحافظة على وحدة الوطن، وتدعيم علاقة الجيش والشعب، فمصر لن تمر سفينتها بسلام، إلا إذا تضافرت القوى السياسية والجيش فى منظومة وطنية موحدة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة