السيد شحتة

الكرامة التى عادت لنا بعد طول غياب

الجمعة، 26 أغسطس 2011 09:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر تغيرت كثيرا بعد الثورة، هذه هى الحقيقة التى أفاق عليها الإسرائيليون خلال الأيام الماضية والذين أدركوا جيدا أن التعامل مع القاهرة يجب أن يأخذ شكلا مختلفا من أجل الحفاظ على مصالحهم فى المنطقة والتى تتطلب استمرار معاهدة كامب ديفيد وضمان عدم التوتر الدائم فى علاقتهم مع كبرى الدول العربية.

كان واضحا فى بداية الأزمة أن إسرائيل مازالت أسيرة لمصر مبارك التى تلتزم على الدوام بضبط النفس والتحلى بأكبر قدر من الهدوء وربما الصمت لأنها ترى أن رد الفعل من الشيطان وأن طائرات الجيش الإسرائيلى تحلق فى السماء وتستعد لقصفنا بنيرانها فى لحظة إذا تجرأنا وقمنا بإدانة أو انتقاد قتل جنودنا أو انتهاك حدودنا.

ما شجع تل أبيب أكثر على هذا رد الفعل المرتبك الذى تعاملت به حكومة الدكتور عصام شرف مع الموقف والذى بدا أكبر من حجمها بكثير حيث اقتصر الأمر على نشر رئيس الوزراء تصريح إنشائى على صفحته على الفيس بوك تعقيبا على قتل 6 من خيرة جنود مصر وذلك قبل أن يصدر عن مجلسه بيانا عن سحب السفير الإسرائيلى قبل أن يتم نفيه من جديد.

وأمام كل رسائل الاستكبار الإسرائيلى قرر الشارع المصرى أن يتحرك ليقول لإسرائيل أن زمن إدارة الخد الأيمن قد انتهى وأن فى مصر اليوم رجال قادرون على رد الصاع صاعين لكل من تسول له نفسه المساس بكرامتهم أو الاقتراب من ذرة من تراب من أرضهم.

أحسب أن مشهد إنزال العلم من فوق سفارة تل أبيب بالقاهرة لن يبرح بسهولة ذاكرة الكثير من الإسرائيليين والذين شاهدوا للمرة الأولى منذ سنوات طويلة ردا مصريا قويا عليهم، فالفعل وإن كان رمزيا بالأساس إلا أنه كشف بوضوح عن حجم الكراهية الشعبية الكبيرة لإسرائيل وتقدير الأجهزة الرسمية فى مصر بعد الثورة، والدليل أن بطل معركة إنزال العلم رغم مخالفة ما قام به للقانون الدولى لم تلق قوات الأمن القبض عليه كما لم تقم أى جهة رسمية بالتحقيق معه بل إن رئيس مجلس الوزراء التقى به وهو ما يعد احتفاءً ضمنيا بالخطوة.
ورغم أن الحكومة حاولت بعد هذا أن تكون على مستوى الموقف وأن تؤكد أن الاعتذار وحده لن يكفى فإن الدلالة الأكبر تبدو واضحة فى قبول إسرائيل بعد ساعات قليلة من هذا الحدث بالهدنة من جديد بغزة بعد أن كانت قد حشدت قواتها لاجتياحها بالفعل ولم تكتف تل أبيب بهذا فحسب بل قامت بإطلاق مجموعة كبيرة من التصريحات الودية المعبرة عن تقديرها لمصر والمصريين فى محاولة للتقليل من حدة جرح لن يندمل سريعا فى صدورنا ولو بعد سنوات طويلة.

للمرة الأولى استطعنا أن نرد بكرامة على من اعتادوا إهانتنا ومع هذا لم تندلع حرب بالمنطقة، ولم تقم إسرائيل بحرق الأخضر واليابس كما أوهمونا طوال السنوات الماضية، وهو ما جعلنا نكتشف حجم الخداع الذى تعرضنا له طوال ثلاثين عاما من حكم مبارك.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة