باعتراف العالم كله.. كانت ثورة 25 يناير إحدى أهم الثورات العربية التى تمكنت من إسقاط نظام فاسد، كان حجر عثرة أمام كثير من انطلاقات الشباب وطاقاتهم.. وتحول على مدى سنوات إلى عبء على التقدم، وكان التحدى الكبير هو: أين نبدأ بعد سقوط النظام الذى كان راسخا لمدة ثلاثين عاما، وشيدت أركانه من صلب القوانين ومن الجذور الجامدة، تلك التى لا يقوى عليها أحد، والتى لم يقو عليها سوى إرادة الشعب الذى فى اليوم الموعود أراد الحياة واستجاب القدر.. هذه التحديات التى أمامنا هى: لماذا هذا التخبط الذى نعيشه.. والسؤال هو هل ثورة يناير التى أسقطت النظام فشلت فى بناء نظام دولة جديد..؟! طبعا القضية ليست ببساطة السؤال، وإلا ما كنا قد رجعنا إلى نقطة الصفر، لنبدأ فى ترتيب الأمة من جديد، بعد أن نخر السوس فى كثير من أركانها، وكاد أن يتوغل فى أعصابها، فقد تحول الفساد إلى فيروس قاتل، وإلى عدوى الشفاء منها يأتى من الالتحام الشعبى، والقائد الذى تجتمع حوله..
فإذا نظرنا إلى الوراء حيث 59 عاما خلت.. 23 يوليو 1952، نجد أن هذه الثورة أفرزت أكثر من خمسة زعماء كبار فى مقدمتهم جمال عبدالناصر، ومن هذا المنطلق لم تكن هناك أزمة.. أما اليوم مع قيام ثورة يناير.. لا نجد الزعيم الذى نلتف حوله.. بسبب بسيط أن النظام السابق أراد أن يحاصر الجمهور، بحيث لا يكون هناك بديل لنفسه.. ولهذا فنحن اليوم أمامنا أكثر من اتجاه وسبيل، أولا هو الالتفاف حول كلمة سواء، ولعل هذه الكلمة تكون وثيقة الأزهر الشريف، التى نجحت فى إنقاذ الأحزاب من التمزق والفرقة والتشيع والسقوط.. أقرت الأحزاب أن وثيقة الأزهر نموذج متحضر لدولة مدنية، تتسلح بالدين، وهى أعلى حالات النظم المدنية، بل هى فى رأيى تتفوق على نظم الدولة التركية التى رسخت، وشيدت على أسس علمية دينية صارت على مدى السنين.. الدولة الإسلامية ذات النموذج القوى.. اليوم فى مصر وطالما اجتمعنا على وثيقة الأزهر لتكون هى الأساس.
ثم من خلالها ندخل فى التدبير لانتخابات هادئة لمجلس الشعب والتى تستعد لها الأحزاب حاليا، ثم بعد إنشاء المجلس والاطمئنان على سلامة انتخاباته، علينا تكوين مجلس رئاسى لقيادة الثورة، يحكم من خلال الشريعة الثورية.. هذا هو الحل، وإلا بقينا فى متاهات المظاهرات والاحتجاجات والاختلافات التى تتوه بنا من تخاذل إلى تخلف إلى تقهقر إلى حروب داخلية لا تليق بمصر.. أرى أن تكوين مجلس رئاسى هو اللبنة الأولى نحو مجتمع مدنى قوى، يقوم على العلم والعمل ولا يلتفت إلى الجهل وآراء الأعداء والمتاجرين بمقدرات الأمة، أو هؤلاء الذين يرتضون على أنفسهم أن يعملوا لحساب أجندات أجنبية، متخيلين أن هذا هو الحل الأمثل.. وهم لا يدرون أنهم سرعان ما يتحولون إلى أضحوكة فى يد الأعداء، وإلى ألعوبة يلهون بها الأجانب الذين حاولوا إشعال الفتن والفرقة وزرع الجهل والتسويف فى القرارات.. من جديد علينا أن نلتف نشطاء وحكماء وأحزابا حول الجلوس على مائدة واحدة، والوصول إلى حل واحد أو إلى أقصر الحلول، أو إلى أقل الحلول خسائر، لابد أن نضمد جراح الثورة.. وقد أعجبنى الاجتماع الذى شهده نشطاء الوطن فى نقابة الصحفيين منذ أيام، واجتمعوا على محاولات إنقاذ الوطن.. والوصول بسرعة إلى اليقين أو الاقتراب نحو الكمال.
اتمنى ألا ينتهى عام 2011 إلا ونحن مستقرون على بر الأمان، ولدينا رئيس جديد ومجلس شعب قادر على تمثيل الشعب أفضل تمثيل، وقادر أيضا على صياغة القوانين العادلة التى تضمن أن تبقى مصر دوما دولة كبيرة، ذات سيادة، ومستقبل وحضارة.
محمد فودة
محمد فودة يكتب.. الثورة أسقطت الفساد.. فهل تتراجع أمام بناء نظام دولة؟!
الإثنين، 22 أغسطس 2011 04:01 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة