مجدى أحمد على

عن المجلس مرة أخرى

الأربعاء، 17 أغسطس 2011 03:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الذى قلناه مرارا إن تعرضنا لانتقاد بعض تصرفاته لا يمكن أن ينسحب على جيشنا العظيم ولا اعتداء على مكانته فى قلوب كل المصريين، كما قررنا كثيرا أن هذه الانتقادات لا تعنى عدم الاعتراف بموقف المجلس الحاسم والمصيرى حين اختار ألا يكون أداة لقمع شعبه وسط ظروف بالغة الصعوبة والحساسية.. وحين انحاز إلى وحدة الجيش صاحب التاريخ الممتد فى الوطنية وإلى عدم الانجرار إلى دروب الوقيعة مع ثورة أعادته إلى دوره الطبيعى، ومع شعب لا يريد سوى حقه فى الحرية والكرامة.

لا يمنعنا هذا من التصارح حول هموم الوطن، فصديقك من صدقَك لا مل صدَّقك، ورب نقد قد يبدو ثقيلا أفضل من نفاق لا يقود إلا إلى خراب، لقد دأب أنور السادات على اتهام كل القوى الوطنية.. طليعة الوطن ومثقفيه بكل التهم.. ووصفهم «بالأرزال» الذين يناقشونه كثيرا، فكان أن استعان بقوى البطش الدينى لضربهم فانتهى الأمر بمقتله على أيديهم، فلا استفاد الوطن بنصائح «الأرزال» ولا أتتنا هذه القوى الباطشة سوى بادعاء احتكار حقائق الدنيا والدين وجر الوطن إلى أبواب التهلكة تحت دعاوى تبدو سليمة النية مخلصة «لمبادئها».

ويبدو الأمر الآن مثيرا للدهشة والحزن.. فقد تزايدت مساحات التفارق بين المجلس الذى صرخ الثوار فرحا بتسلمه السلطة عقب تنحى الفاسد المخلوع، وبين قطاعات متزايدة من الثوار والقوى الوطنية الراغبة فى رؤية هذا الوطن يحقق أهداف ثورته العظيمة.. وتزداد الدهشة وهم يتابعون مواقف هذا المجلس الذى لا يبدو الآن سوى أن دوره هو «فرملة» هذه الثورة ومنعها من الانطلاق حرة نحو أهدافها الكبرى، تجاوزنا من قبل عن تصرفات ومواقف، بررناها بارتباك لمجموعة فوجئت بثورة لم تخطط لها ولا تعرف كيف تديرها.. افترضنا حسن النية حين حدث ما حدث.

وقف المجلس موقفا غريبا فى موقعة الجمل «سماه موقفا محايدا» بين جموع الثوار وبلطجية نظام فاسد عريق فى الإجرام، وكان مشهد وقوع قنابل المولوتوف على دبابات الجيش الذى لا يدافع حتى نفسه غريبا ومهينا.

ومازالت أسئلة من نوع: ماذا لو انتصر البلطجية يوم 2 فبراير؟ ماذا كان سيصبح عليه موقف المجلس؟ هل كان سيتحدث عن الشرعية الممثلة فى رئيس الدولة وحزبه المنحط؟ أسئلة افتراضية ولكن طرحها هو ما تفرضه التصرفات الحالية للمجلس الحاكم.

> منذ تنحى الرئيس يوم 11 فبراير تباطأ المجلس الحاكم كثيرا فى التحفظ عليه مع عاصبته ومنحهم وقتا طويلا لتستيف الأوراق والأوضاع والإفلات بالجرائم ومحو الدلائل.. وظل زكريا عزمى فى القصر الجمهورى يتقاضى مرتبه من شعب ثار على جرائم عاصبته ويواصل حماية المافيا التى كان يدمرها حتى انتهى الأمر بنا نحاكمهم على بضع فيلات ولوحات مرور، ويجرى الآن إهدار دماء الشهداء بغياب الأدلة وشيوع الاتهام.

> توجيه النيابة للتحقيق -شكليا- مع أفراد العصابة دون جهد حقيقى فى صياغة الاتهام وجمع الأدلة وإحكام التحقيقات التى جاءت أشبه بحوارات صحفية لا يتوقع أى قانون أن تؤدى إلى أحكام تتناسب مع جرائم مروعة فى حق الوطن.

> تساهل غريب مع قوى تستخدم الدين مطية للوصول إلى كراسى الحكم حتى إن مستشارا بعينه هو الوحيد الذى يصوغ القوانين حتى الآن بمساعدة فعالة من قوى لا تريد سوى سلطة دينية قامعة غشوم لحكم بلد شديد التنوع والثراء، متعدد الثقافات والأديان، يطمح فى دولة حديثة تخرج من ظلمات الجهل والتخلف.

ولكن كل هذا تجاوزناه لأننا حصلنا أيضا للثورة على إنجازات غير منكورة وإن كان صحيحا أيضا أنها لم تحدث إلا بكثير من الضغوط والمعاناة مما أسميته سابقا «المناهدة» ولكن المجلس الآن يفاجئنا بعدة كوارث محققة لا يمكن تجاوزها أو تجاهل تأثيرها:

> إصرار على قانون انتخابى معيب رفضته جميع القوى والأحزاب كما أن به عيوبا تقنية خطيرة تؤدى إلى فساد كامل للعملية الانتخابية ودون أى حسابات منطقية للوقت اللازم لكل ناخب لكى يدلى بصوته فى أربعة صناديق مختلفة تمثل دوائر شديدة الاتساع، بعد الإصرار على انتخاب مجلس الشورى لا يدافع عنه أحد والإصرار على هذا النهج المنسوخ بين النظام الفردى والقائمة.

> إعلان مثير للريبة عن رفض الرقابة الدولية عن الانتخابات بنفس حجج النظام السابق المهترئه البائسة، والمرء يسأل إذا كنت تنوى إجراء انتخابات نزيهة وشفافه لماذا تخشى كل أنواع الرقابة؟ ولماذا لا تدعو الجميع لكى يشهدوا «عرس» الديمقراطية القادم؟
> تساهل مريب مع انفلات أمنى مستمر وفوضى فى الشارع المصرى على جميع المستويات، والمرء أيضا يتساءل كيف ستجرى الانتخابات فى ظل هذا المستوى من الأمن.. الكارثة هى الشىء الوحيد الذى يمكن توقعه.

> التغاضى عن تشكيل أحزاب دينية خالصة «حتى لو كانت على الورق غير ذلك» وعدم وجود عقوبات واضحة -قانونا- لاستخدام الدين فى الانتخابات القادمة، وهو الأمر المتوقع حدوثه لأنه ببساطة يحدث الآن على منابر المساجد التى لا تخضع لرقابة أو قانون.
> التغاضى عن كوارث قبل كارثة العريش التى أعلن بعدها السلفيون عن «محاكم» تشبه محاكم الصومال وتحل محل الدولة وسط تجاهل النظام بل وترحيب بعض الصحف المأجورة والعميلة، سيناء فى خطر والقاعدة على حدودنا والنظام يتلكأ فى ضرب الأيادى الخائنة فى الداخل والخارج.

..اسمعوا نصائحنا حتى لو كانت ثقيلة على قلوبكم.. فنحن معكم لا نريد سوى خير هذا الوطن وسلامة أراضيه.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة