ستبقى دوماً حياً فى قلوبنا وإن غبت عن عيوننا.. ستظل روحا سامية تبعث فينا كل المعانى الجميلة والأخلاق السامية التى غابت عن عالمنا لفترة طويلة، وجئت أنت لتجود بدمائك الطاهرة من أجل أن تبعثها فينا من جديد.
يكفيك من دنياك أنك فزت بلقب شهيد، ويكفينا أن نستلهم بعضا من سيرتك العطرة لندرك أننا ما زلنا على نفس دربك سائرين فى ملحمة وطن يولد من جديد.
فى كل جلسة من جلسات محاكمة رموز النظام السابق أتذكر ومعى ملايين المصريين أرواح العشرات من شهداء ثورة الـ 25 من يناير، والتى لا ندرى جميعا بأى ذنب قتلت؟
طوال الجلسات لا تكاد عينى تبرح قفص المحاكمة، وهى تراقب هؤلاء القتلة الذين يصرون على مواصلة جريمتهم النكراء حتى آخر فصولها.. فليس لديهم أى ذرة من الندم أو الإحساس بالألم.
فى القفص يقف رموز النظام السابق وعلى بعد خطوات منهم العديد من الآباء والأمهات الذين ينتحبون فى كل لحظة لفقد أغلى وأعز الناس، ولكن تأبى قلوب القتلة إلا أن تظل جامدة حتى النهاية، أما عيونهم فلا تزال وفية للكبر والاستعلاء، وكأنها لا تعرف حجم الخطيئة الكبيرة التى ارتكبتها.
لن يعيد ندم مبارك ورجاله من رحلوا للحياة مرة أخرى، ولن يستطيع مهما بلغ حجمه أن يطفئ ذرة واحدة من نيران الألم التى تلتهم صدور ذويهم منذ أن وقعت الجريمة، ولكن المؤكد أن الإحساس بالذنب كان كفيلا بأن يشفى صدور بعض المؤمنين، والتى لا تزال تتذكر مناظر أنهار الدم التى أغرق النظام الفانى فيها أغلب شوارع مصر خلال مظاهرات جمعة الغضب.
أصر مبارك ورجاله على أن يواصلوا معنا رحلة عنادهم الشيطانى، والتى أشبعونا معاناة وقهرا فى ظلها طوال السنوات الماضية، ولهذا قرروا أن يحرموا أهالى الشهداء حتى من مشاهدة الانكسار والإحساس بالندم، وهو يعلو وجوه ما كانوا كبار القوم وجلاديهم فى سالف الأيام.
جلس العادلى على الكرسى وخلفه رجاله، وكأنه يريد أن يقول لنا إنه مازال فى كامل قوته وسطوته حتى خلف القضبان، والأمر نفسه فعله نجلا الرئيس السابق واللذان حرصا عقب انتهاء جلسة محاكمتهما على أن يحييا الحضور وكأنهما يشاركان فى مناسبة ما من تلك التى اعتادا على أن يقوما بها فى الصباح والمساء خلال فترة حكم والدهما.
شعرت كالكثيرين غيرى بقدر كبير من الغيظ الذى تملك كل ذرة من كيانى، وأنا أشاهد ما يفعله هؤلاء، ولكن مهما كان ما نزل بنا فإنه لا يساوى واحد على مليون مما تعانيه، أم تنتظر القصاص من قاتل والدها أو أب يريد أن يقر عينه بمن اغتال ابنه أو زوجه تعد الدقائق والساعات لتشهد عقاب من اغتال فرحتها، لكل هؤلاء لا تحزنوا فإن أجل الله قريب وعدالة السماء لن تجعل ظالماً يفلت بجريمته حتى وإن حاول أن يضحك أو يبدو متماسكا خلف القضبان.
كلنا ثقة فى عدالة القضاء المصرى الذى نثق فيه أكثر مما نثق فى نفوسنا، وأملنا كبير فى أن يصدر حكم عادل بالقصاص من مبارك ورجاله بما يشفى صدور آباء وأمهات الشهداء فى أقرب وقت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة