يسرى الفخرانى

تفاصيل صغيرة فى حياة صعبة

الإثنين، 15 أغسطس 2011 07:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يارب.. نطلب عفوك عن ذنوبنا التى فاقت الحد، وعن أخطائنا التى تحولت إلى حزن عام، نطلب - فى رجاء - رحمتك، لعلنا نستطيع أن نكمل ما تبقى من عمر، لعلنا نتخلص من هذه الأعباء الثقيلة التى أصبحنا نحملها يومًا بعد يوم فى استسلام، لعلنا نقتل هذا الخوف الذى نصحو عليه يطاردنا، لعلنا نجد مكانًا آمنًا نختبئ فيه من أزمات صعبة لم يعد لنا منها مفر.

يارب، هذا أرق فى عيوننا وألم، هذه أيامنا لم تعد معنا، حياتنا تحددها نشرات الأخبار ونشرات البورصة وأسعار العملات الصعبة وما تخفيه دول كبيرة فى ملفات عن مستقبل دول تنتظر، ما هذه الحياة التى تحركها صحف وقنوات تليفزيون وعالم افتراضى يكذب دون توقف، كيف نتحول فى منتصف النهار إلى كائنات ضعيفة مهزومة، شائعات تكنس بيوتًا من فوق الأرض، وأخرى تصيب قلوبًا عابرة بأزمات قلبية، أصبح الأمر فوق احتمال نفوس لا تريد من الحياة سوى الحياة، لا تطلب إلا سترًا وسعادة وبابًا مغلقًا آخر الليل، فمن غيرك يارب يستر.. ومن سواك يمنح بائسًا سعادة ترضيه.. ومن إلا أنت سبحانك يوفر لنا أمانًا لنودع يومًا ونستقبل يومًا فى سكينة.

يارب، هذا زمن تضاعف فيه المنافقون والكاذبون، أصبح للعملة وجه واحد، لا نعرف فرقًا بين كاذب وصادق، منافق وضمير مستيقظ، نتخبط فى وجوه كثيرة، نمضى جرحى حرب، نصاب بالحيرة والقلق، لماذا أصبحنا مثل سحابة صيف لا تمطر، لماذا اختلط الصواب والخطأ، هذه حياة صعبة، أصعب ما فيها أننا لم نعد نعرف فى أى الاتجاهات نمضى، ومن أى طريق نصل إلى ما نريد، أيام صعبة مرهقة، نسأل فيها أنفسنا كل يوم ما الحل؟ ماذا نفعل لنجعلها أسهل، لنجعلها معنا لا علينا، لنجعل الاحترام يسود، والعدل يسود، والحب يسود، والصدق يسود، والأمل يسود. وفى كل مرة نسأل ننظر إلى وجهك الكريم لعلك تصفح وتعيد لنا هذه الحياة البسيطة التى لا نأمل إلا فيها، نسبح فيها بحمدك على كل لحظة سعادة تخلقها لنا.

يارب، لا نجاة لنا إلا بك، ولا حياة إلا برحمتك، ولا أمل فى عمر قادم إلا إذا سامحتنا عن عمر مضى، اجعلنا يارب نقف على قدمينا ضد الظلم، وضد الخوف، وضد اليأس، وضد الكذب، اجعلنا نعرف أن من يريد الحياة يجب أن يبحث عنها، ويدافع عنها، ويجتهد من أجل تغييرها إلى الأفضل، يارب لا تجعلنا نمضى من الحياة دون أن نجعل منها شيئًا يستحق، ذكرى تكتب لنا، دون أن نزرع فى مجتمعنا خيرًا ونورًا وحبّا وأملاً. يارب، اجعلنا نرى ابتسامة طفل صغير فنعرف كم هى جميلة هذه الابتسامة الودودة التى نسيناها، تجعلنا هذه الابتسامة نعرف كم كنا أبرياء، لا نحمل للدنيا همّا أو نضع لها خططًا، كم كنا ضعفاء لا نجرح ولا نقتل ولا نظلم، يارب اجعلنا نرَ زهرة تولد فى فجرها الأول فنعرف كم كنا صغارًا نتلمس مساحة صغيرة فى الحياة، نخاف من جناح فراشة، فلماذا نسينا كم كانت كل أمانينا أن نعيش ونكبر ونلعب وننام آخر الليل فى سعادة بعمق. يارب، هذه أيام شهرك الكريم تمضى، امنحنا يارب القوة لكى نتخلص من عيوبنا ليلة بعد ليلة، نستعيد ما فقدناه، نستعيذ بك من شر كل من يفسد فى الحياة، نقترب من أنفسنا أكثر لنعرف قيمة أن نجتمع فى الخير، وأن نقتسم الحياة معًا بكل ما فيها حتى تصبح أقل صعوبة، وأكثر أمنًا، نقتسم اللقمة والسعادة والأمل والأمان، فنعيش جميعًا دون أن نفقد عمرنا فى خوف من جوع أو حزن أو يأس أو فزع.

يارب، اجعلنا نستيقظ قبل فوات الأوان، ننفض هذا الغبار الذى يلازم كل تصرفاتنا وأفكارنا وأيامنا، نستعيد التفاصيل الصغيرة التى كانت سر حياتنا الهادئة، نتأمل مخلوقاتك ونتأمل ما خلقت، فندرك أن الحياة لا تستحق كل هذه المعاناة التى نبذلها فيها، نستعيد نفوسنا البسيطة، التى تجد فى ظل شجرة على بحر جنة، وفى لقمة برضاء منتهى الشبع. يارب، اجعلنا نُعِد اكتشاف ما فقدناه، فقد فقدنا الكثير مما أعطيتنا ونحن نبحث عن أشياء أخرى بعيدة، فقدنا الحب بينما نتصور أننا نبحث عنه، فقدنا أقرب الناس لنا بينما نتصور أننا نبحث عنهم، فقدنا أحلامنا بينما نتصور أننا نحققها، يارب.. اجعلنا نستعِد براءتنا التى كانت ترى كل ما هو جميل فى الحياة فنعيشه، ونرى كم كثيرة الأشياء التى خلقتها لنا إلى حد لا نخاف فيه على ضياعها، إنما.. نسبح بحمدك كثيرًا كثيرًا، فتمتلئ قلوبنا حبّا للحياة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة