فى لحظات درامية تراجيدية قدرية حين يصبح الواقع ضاغطاً، بدرجة لا تُحتمل لدى البشر، تتفاوت ردود أفعال الناس بين ثلاثة مواقف، فإما أن يرتد الناس إلى الماضى التليد، ليعيشوا فيه عوضا عن حاضر مُربك، أو يعيشوا حالمين بمستقبل قد لا يأتى مُغَيبين الحاضر تماماً، أو أخيراً قد يدخلون فى دائرة من اليأس، فلا يتحركون للأمام أو الخلف.
ورغم أنى واحدة من الشعب المصرى الشقيق الذى بدأ يتآكل بفعل عوامل التعرية، حيث إن كل عابر سبيل يتحدث باسمه، إلا أننى قررت ألا أكون من الصنف الأخير اليائس، ولا من بين هؤلاء الحالمين المقيمين فى الوهم.. فلم يبق أمامى سوى الماضى أعود إليه علّنى أجد فيه ما يعيننى على فهم الحاضر أو حتى القدرة على استيعابه بمنطق أن من قرأ التاريخ هان عليه الحاضر.
وعن التاريخ يقولون إنه لا يعيد نفسه، ولكن تتشابه أحداثه، ولكنى أزعم أن مصر حالة خاصة، فالتاريخ فيها يعيد نفسه بذات الأحداث والبشر وإن تغيرت السنون والأسماء، ولكى أؤكد قولى هذا، سأنقل لكم فقرة واحدة من كتاب لفتحى رضوان «عصر ورجال» ولمن لا يعرف هذا الرجل النادر- رحمه الله- فهو أحد مؤسسى حزب مصر الفتاة وأول وزير للثقافة والإرشاد القومى فى حكومة ثورة 52، وكاتب فنان وصحفى ومحام وأول من أنشأ مجلس حقوق الإنسان فى الثمانينيات، وفى كتابه «عصر ورجال» كتب يؤرخ لمصر بين ثورة 19 وثورة يوليو 52 من خلال مجموعة أسماء لامعة فى الفن والأدب والشعر والسياسة.
يقول فتحى رضوان «أى عهد هذا الذى نؤرخ له؟ أهو عهد تحرر فيه الشبان من سيطرة الزعماء التقليديين وخرجوا على الاحزاب التى أنهكها الفساد، وخرجوا يبعثون دما جديدا فى الكيان الوطنى الذى شاخ، فخرج من صفوفهم قيادات شابة أعلى صوتاً، وأشجع قلباً، من الشيوخ الفانين، أم هو العهد الذى خانت فيه الحركات الشابة مبدأها، وتداولتها الجماعات السياسية القديمة فأفسدتها، وتفرقت صفوفها وتبعثر أنصارها، فلم تنجح أن تقود الشعب، ولم تستطع أن تغير مجرى الأحداث وكان ذلك فى وسعها؟».
سؤال طرحة فتحى رضوان بين ثورتين فهل من تعليق؟!!
ومن عصر ورجال فتحى رضوان إلى ماض آخر، ولكنه ماضٍ من الشعر، حيث قال أبو العلاء المعرى «ظلموا الرعية واستجازوا كيدها ... وعدوا مصالحها وهم أجراؤها».
ومن المعرى فى ِقدم التاريخ إلى نزار قبانى الذى قال «أيا وطن ... جعلوك مسلسل رعب نتابع أحداثة فى المساء ..... فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء!!,,.
هذا بعض من بعض ما قاله الحكماء والفنانون عن الماضى فتُرى ماذا أبقوا لنا لنكتبه عن حاضرنا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الاسيوطى
كلامه كله فى الصميم
عدد الردود 0
بواسطة:
فتحى
الحكمة الجميلة
عدد الردود 0
بواسطة:
horya
رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mimetus@yahoo.com
gamed gedan
عدد الردود 0
بواسطة:
هناء
ما اروعك
نزار قبانى باحبك انت وحنان شومان
عدد الردود 0
بواسطة:
amgad
great great