ناصر عراق

إنهم يسعون لخطف الثورة

الخميس، 07 يوليو 2011 10:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا أردت أن تعرف لماذا لم تأت الثورة المصرية أكلها حتى هذه اللحظة، فتذكر أرجوك أن الذين تجاسروا وخرجوا إلى ميادين مصر كلها وحشدوا الملايين خلفهم لم يتسلموا السلطة، وأن الذين أزاحوا الرئيس المخلوع حسنى مبارك من كرسى العرش لم يتمكنوا من قيادة البلاد. وإذا رغبت فى أن تجد تفسيراً لما حدث الأسبوع الماضى فى ميدان التحرير، حيث اعتدى الأمن على الناس وأصاب أكثر من ألف إنسان، فلا تنس أن قيادات وزارة الداخلية لم يتغيروا، وأن لواءات مبارك مازالوا يستمتعون بمناصبهم المرموقة ويطبقون السياسات الباطشة نفسها مع الجماهير، وكأن لا ثورة اندلعت ولا يحزنون!

نعم... أحلامنا الثورية العظيمة لم يتحقق منها سوى النذر اليسير، وطموحاتنا فى تشييد مجتمع عادل وديمقراطى وجميل تواجه بعنف وقسوة ممن يحكمون البلد. وشباب الثورة الذين تجرءوا وتعرضوا للقناصة واستشهد منهم أبطال، لم يتم الاستعانة بواحد منهم، مجرد واحد فقط ليتولى وزارة من الوزارات التى يسيطر عليها أكثر من خمسة عشر وزيراً تعاونوا مع نظام مبارك.

نعم... هناك خطر يحدق بالثورة، وهناك أصحاب مصالح يريدون إجهاضها، يعاونهم فى ذلك نفر ممن آل لهم حكم البلاد بعد إبعاد مبارك وحاشيته، ودليلى فى ذلك الآتى:

1- التسويف فى محاكمة رأس النظام وتركه ينعم فى ملكوته بشرم الشيخ بحجة أنه مريض، وكأنه المريض الوحيد فى مصر، فى حين أن نظامه جعل أكثر من ثلث المصريين يكابدون أمراضاً خبيثة.

2- لم يحدث أى تحسن فى مستوى معيشة ملايين الفقراء من المصريين الذين قامت الثورة لإنصافهم فى المقام الأول، على الرغم من مرور خمسة أشهر على إزاحة مبارك من السلطة، وهى مدة قصيرة صحيح، لكنها تكفى لإعطاء إشارات إيجابية فى أن الأمور ستتحسن وهو ما لم يحدث.


3- الكلام الكثير الذى يصدر عن المسئولين الآن فى أن مستقبل مصر فى الاستثمار والسياحة، ولا يوجد أى حديث عن تطوير الصناعة والزراعة، وهو الكلام نفسه الذى كان يردده رجال مبارك الذين انصرفوا عن تشييد بنية صناعية وزراعية قوية تنهض عليها أى أمة، وراحوا يضاربون ويستثمرون فى العقارات والبورصة والأراضى، فاكتنزوا المليارات وتركوا البلد خرابة يعيش فيها ملايين الفقراء.

4- حكاية الانفلات الأمنى التى صارت نكتة سخيفة، إذ كيف لا تستطيع سلطة تملك كل هذه الصلاحيات من ضبط الأمن فى البلد، وهى تعرف تماماً وبالاسم أسماء البلطجية الذين كان يستعين بهم النظام الساقط فى الاعتداء على المتظاهرين وتزوير الانتخابات. إن انفلات الأمن حتى هذه اللحظة يؤكد أن هناك أمراً مريباً يحدث، وأن أصحاب السلطة الآن لا يزعجهم هذا الانفلات لأنهم يستهدفون من وراءه أموراً مشبوهة.


5- الإصرار الغريب على عدم تصوير محاكمات رموز النظام السابق، وكأنهم مجموعة من الملائكة لا يجوز أن يراهم أحد. وهو أمر يثير الشكوك. وقد كتبت فى هذا المكان قبل شهور مقالاً عنوانه (لماذا تحرمون الناس من رؤيتهم فى القفص؟)، حتى تطمئن نفوسنا على سير العدالة بجدية، وحتى تتأكد أسر الشهداء من أن أرواح أبنائهم الأبرار لن تذهب سدى.

6- إلهاء الناس بالكلام عن الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً؟ فى حين أن اندلاع الثورة والقضاء على النظام السياسى يعنى بالضرورة إسقاط الدستور القديم، ثم أدخلونا فى حكاية استفتاء على تعديل بعض المواد فى الدستور الذى سقط أصلاً، ثم فاجئونا بإصدار إعلان دستورى يتجاوز التعديل إياه وهكذا تخبط واضح، ورفض صريح لآراء سديدة دعت بعد نجاح الثورة مباشرة إلى اتخاذ خطوات محددة لإدارة شئون البلاد ووضع دستور جديد.


7- التراخى المشبوه فى إعادة بناء وترميم أقسام الشرطة التى تهدمت واحترقت أثناء الثورة، يقولون إنها أكثر من ثمانين، الأمر الذى يوحى بألا أمن هناك ولا انضباط، وأن الشرطة الغليظة والفظة كانت أفضل من هذا الوضع الذى لا ضباط فيه ولا أقسام شرطة صالحة لممارسة مهامهم، وكأنهم يعايروننا بأداء وظائفهم التى يتقاضون عليها رواتبهم من دافعى ضرائب هذا البلد.
باختصار... إذا لم ننتبه نحن المصريين لما يحاك فى الظلام، فإن الثورة معرضة للخطف من قبل فلول النظام القديم وأشياعهم ممن آل لهم حكم مصر الآن بالصدفة. كما يجب أن يدرك كل الذين يديرون البلد ويملكون السلطة حالياً أنهم خدم لهذا الشعب الذى أشعل ثورة عظيمة ونادرة، وليسوا أسياداً على الناس يعتدون عليهم فى الميادين، ويحرمونهم من ممارسة حقوقهم السياسية التى انتزعوها انتزاعاً من أنياب نظام قاس غليظ القلب أفقر مصر وأذل شعبها. وعليه لا حل أمام الثوار والشعب كله سوى اللجوء إلى المظاهرات المليونية السلمية التى تعيد روح ميدان التحرير وأشقائه من ميادين مصر، لنفرض مطالب الثورة التى تم إهمالها أو التعامل معها باستخفاف، ولنحقق أهدافنا كلها وفق جدول زمنى محدد ومنطقى.

إن نجاح الدعوة إلى التظاهر السلمى يوم الجمعة المقبل 8 يوليو ستكشف الكثير وتفضح المتواطئين، وتعزز ثقة الشعب فى نفسه وفى ثورته الخالدة.











مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة