فى الوقت الذى نتطلع فيه جميعا بعد الثورة لاجتياح رياح التغيير كل مؤسسات مصر، وينعم الجميع بالتحرر من قيود الارتباط بالأجهزة الأمنية، خاصة المؤسسات الصحفية القومية، التى دأبت على أن تقوم بدور المرشد الصحفى والدرع الواقى لرجال الأمن، نجد أن هذه المؤسسات للأسف لم يطرأ عليها أى تغيير، فالعقليات هى نفسها، تحرص على تقديم فروض الطاعة لهم، حتى لو لم يطلب منها ذلك.
وخير دليل على ذلك، ما نشرته جريدة الجمهورية، من موضوع "مفبرك" فى عددها الصادر اليوم، الأربعاء، يستهدف إحياء دورها فى الدفاع عن وزارة الداخلية، حيث نسجت خبرا من وحى الخيال حول مؤامرة لبعض الصحف والقنوات المستقلة، للنيل من الداخلية وتشويه صورتها أمام الرأى العام، وذلك تعليقا على ما كشفه "اليوم السابع" عن استيراد الداخلية لقنابل مسيلة للدموع تصيب المتظاهرين بالسرطان، وما يمثل ذلك إلا خطوة جديدة تؤكد أن المؤسسات الصحفية، المعروفة بالقومية مازالت تعيش أسيرة العهد البائد، ولم تطرأ أى تغيرات على أدائها الصحفى.
وللأسف وجدنا دفاع الصحيفة عن الداخلية ، دفعها لتجاهل الحقائق التى نقلها "اليوم السابع" عن صفقة الداخلية مع شركات أمريكية إسرائيلية لشراء قنابل جديدة استوردتها لتقمع بها المتظاهرين، ولكن هذه المرة أشد شراسة وأكثر فاعلية، وتأكد "لليوم السابع" أن هذه القنابل موديل cs smoke 3231 إنتاج عام 2001، وهى التى ألقيت على متظاهرى 28 يونيو، وأنها منتهية الصلاحية منذ عام 2006 ، وبالرغم من أن هذه القنابل واستعمال غاز CS تعد حربا كيماوية ضد المدنيين، وأن أمريكا منعت استخدامها، لما لها من خصائص مسرطنة وتأثيرات خطيرة على القلب والكبد ، نجد رجال الأمن المصرى استخدموها ضد المتظاهرين فى مظاهرة 28 يونيو .
وبالرغم من هذه الحقائق الدامغة، وجدنا الجمهورية تحاول إخفاءها، وقلب الوقائع من خلال اتهامات بالتخطيط لاغتيال الشرطة معنويا، وكان على الجمهورية أن تقوم بدورها المهنى فى تقييم أداء الشرطة وتعاملها مع المتظاهرين بعد الثورة، وتنحاز لحق المواطنين فى التظاهر السلمى، وألا تنجر لدفاع عن مخطئ، فقيم المهنة تستوجب علينا الانحياز للوطن ومصلحته، لا الدفاع عن أجهزة الدولة ولو كانت الشرطة إذا وقعت فى أخطاء تستحق التقويم والعقاب ، ولكنها العقلية التى مازالت أسيرة "المرمتة فى تراب الميرى".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة