الأديان تهدف فى مقاصدها العليا إلى الخير كل الخير للبشر أجمعين، وقد كرم الله الإنسان وسخر له كل الأشياء فى خدمته ولسعادته، كما أن الحكم على البشر يتم من خلال النص الدينى ومدى التزام الشخص به وبقيمه الدينية لا العكس، والغريب هنا هذا الصراع البشرى الحاد ليس بين أصحاب الدين الواحد فحسب، ولكن بين أصحاب الأديان، فقد كانت أشرس الصراعات وأكبر الحروب بين الكاثوليك والأرثوذوكس، على المستوى المسيحى، وبين السنة والشيعة على المستوى الإسلامى، بالرغم من أن النص الإلهى واحد والمصدر واحد، ويجب أن يكون أيضاً المقصد والهدف واحد، ومن ثم تسقط الغرابة هنا عندما نعلم أن المشكلة فى كل زمان وفى كل مكان هى تفسير النص الإلهى من خلال الفكر البشرى، ذلك الفكر الذى يفسر النص لهدف ما لجماعة أو لحزب أو لطائفة، بعيداً عن مناسبة النص وأسباب تنزيله، ولأن هناك نصوصا خاصة بظرف معين أو تعنى حادثة لذاتها، وذلك غير تلك النصوص، وهى الغالبة التى تصلح لكل زمان ولكل مكان. الشىء الذى يجعل الأديان خالدة أبدية، ولكنه استغلال للعاطفة الدينية المرتبطة بالمصريين منذ ما قبل الأديان، الشىء الذى جعل المصريين كل المصريين يضعون الأديان فى موضعها اللائق، بما أثر على الإيمان الحقيقى بالدين، وحوله إلى شكل تدينى يهتم بالمظهر لا بالجوهر، نتيجة لذلك التدين الشكلى التى أفرزته تلك العاطفة الدينية، وعلى ذلك نجد بعد ثورة يناير أن الجميع يتسابق، والكل يجرى وراء استغلال العاطفة الدينية بين تابعيه، مصورا لهم أنه وأنهم هم وحدهم المدافعون عن الدين وحماته أمام الآخر، وكأن هناك صراعا دينيا بين الأديان، والدين منهم براء، مع العلم بأن المصريين جميعاً يمثل الدين لهم أهم المكونات للشخصية المصرية، والذى يعلو على أى مكون آخر، ولذا فلا خلاف على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، مع المحافظة على حق غير المسلم فى الرجوع لقوانينه الخاصة، وأيًّا كان النظام السياسى، رئاسيا أو برلمانيا، والنظام الاقتصادى اشتراكيا أو رأسماليا، وسواء كانت دولة مدنية أو غير مدنية، فهذا لا علاقة له بتمسك المصرى بدينه وعقيدته، ولما كان هناك طرح بعد الثورة على مدنية الدولة، فقد وجدنا الجميع يسارع بالإعلان عن اقتناعه بهذه المدنية حتى لو كانت ذات مرجعية دينية، مع العلم بأنه لا يوجد مصرى متدين يتنازل عن مرجعيته الدينية، خاصة فى علاقته الخاصة مع الله سبحانه وتعالى، ومع اتفاق الجميع على ذلك، ومع أن الدستور والقانون والمبادئ السياسية متعارف عليها، وفى إطار الدولة المدنية، فلا يجب استغلال الدين لصالح السياسة، كما لا يجب استغلال أماكن العبادة لخدمة السياسة، أو للدعاية الانتخابية أو الحزبية، لأىٍّ من كان، ولكن للأسف، ومع تصاعد النغمة الطائفية التى لحقت تلك الأحداث الطائفية بعد الثورة، فقد وجدنا ذلك التناقض الرهيب الذى يستغل الدين والتدين، فالجميع ينادى الآن بالدولة المدنية وفى ذات الوقت يناضل ويكافح من أجل تكريس الدولة الدينية، فعلى المستوى الإسلامى نجد أن كل التيارات الإسلامية «والقصد هنا هى التى تعمل الآن بالسياسة» تتعامل مع الدين لخدمة أهدافهم السياسية والترويج لأحزابهم السياسية، فقد وجدنا أن كل فصيل سيتصور أنه الأكثر تديناً ودفاعاً عن الإسلام، حتى وجدنا أن أحد كوادر الإخوان يعتبر أنه لا يوجد مسلم خارج الإخوان- كما أن الإخوان وغيرهم الآن يستغلون المساجد سياسيا وحزبيا لدرجة أن الانتخابات القاعدية لحزب الإخوان تتم فى المساجد مثلما حدث فى كفر الشيخ، كما أن هناك فارقا بين أن يكون هناك درس دينى سياسى يناقش القضايا الحياتية للمسلم، وبين استغلال المسجد كمقر حزبى لأى أحد، أما على المستوى المسيحى، فبالرغم من مناداة الكنيسة، وكل المسحيين، بالدولة المدنية ورفضهم الكامل للدولة الدينية، نجد وياللغرابة أنهم جميعاً يناضلون من أجل الدولة الدينية التى تكون فيها للكنيسة اليد العليا، فنجد بعض الأحزاب التى تستهدف الأقباط تقوم بتوزيع استمارات الأحزاب داخل الكنائس «أليس هذا تكريسا للدينى ضد المدنى»؟؟
الموقف خطير واستغلال الدين أخطر، فالمصريون متدينون والدولة المدنية لا تجعلنا نستغل الدين هذا الاستغلال، فالدين أعظم وأجل من ذلك، حتى تصبح مصر لكل المصريين.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الاسلام دين واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
بحب بلدي
سلفي بيحب مصر اوي
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد الشرقاوى
كلام جميل جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الكلاوشى
مقال اصاب كبد الحقيقه
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد مطاوع
راجل محترم جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم
تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو حاتم
تحياتى
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف
انت لسه نايم