كريم عبد السلام

مع المجلس العسكرى

الأربعاء، 27 يوليو 2011 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الوقت وقت المزايدة والصوت العالى ومن الأسلم لك أن تركب الموجة وأن تهاجم المجلس العسكرى بضراوة، باكياً على الحريات المهدرة وقلة الخبرة السياسية التى دفعت الجنرالات إلى تكرار الأخطاء فى حق القوى والفصائل والنشطاء، متجاهلا اتهام «المجلس» بالتربيط مع الأنظمة الرجعية والتواطؤ مع نظام مبارك عمال على بطال، وكأن أعضاء المجلس ملطشة وأعضاء القوى السياسية ملائكة منزهون، ثم تختم بأن تطالب فوراً والآن برحيل هؤلاء الجنرالات.
الوقت وقت المزايدة، ليس مطلوباً منك التفكير أبعد من متر قدامك ومتر خلفك، يكفى أن تصرخ بصوت عال محذراً فى عيد ثورة يوليو من شبح عسكر 23 يوليو وقبضاتهم الحديدية ونظامهم السلطوى وإفسادهم الحياة السياسية وأجهزتهم الأمنية الرهيبة وزوار الفجر، وأن تربط هذه الصورة الذهنية مباشرة بالجنرالات الحاليين مطالباً الآن وفوراً برحيلهم.
الوقت وقت المزايدة، وعليك أن تثبت ثوريتك الآن، فالثورية بعضها عام وبعضها الآخر شخصى، بعضها مدفوع الثمن قبل 25 يناير وبعدها وبعضها الآخر عدة شغل «فى برامج التوك شو» ومسوغات التسويق والتصعيد، وأولى خطوات إثبات الثورية أن ترفض كل شىء وكل أحد، كل سلطة وكل حكومة دون أن تسأل أين الدولة فى مصر؟ ما مصير الدولة فى مصر؟ ما مستقبل الدولة فى مصر؟ وكيف يمكن أن تدار الدولة فى مصر؟
هل تدار من خلال مؤسسات أم من الشارع وهل الشارع يحكم أم يراقب؟ وهل كل ما يصدر عن الشارع من طلبات وافتكاسات أوامر يجب تحقيقها أم مؤشرات تؤخذ فى الاعتبار؟ وهل الشارع هو ميدان التحرير أم جموع الجماهير فى جميع المحافظات، هل المطالب واحدة والتيارات متوحدة أم أن هناك أزمة فى استعراض توجهات المصريين ناتجة عن التكرار والتشابه فى برامج التوك شو وفقر الأفكار الذى يجعل من حفنة وجوه محفوظة أبطالا دائمين على كل الموائد، ويجعل الأسئلة محفوظة والخلافات محفوظة والكلاشيهات محفوظة، بدءاً من معركة الدستور والانتخابات إلى موقعة العباسية!
الوقت وقت المزايدة ولا خجل يدفع أحداً إلى التساؤل: كيف نخرج بأكبر المكاسب وأقل الأضرار من هذه المرحلة الانتقالية التى تنتهى فى يناير المقبل؟ لا يسأل أحد عن درء المخاطر التى تحيط بالبلد وتهدد بتحوله إلى نموذج باكستان، لا أحد يسأل عن كم الضغوط الخارجية التى تحاول منع ثورة 25 يناير من وضع نموذج كامل وعصرى، لكيفية إزاحة الطغيان وبناء نظام سياسى عصرى قوى، لا أحد يتساءل عن حصار الأشقاء العرب للنظام المصرى وسعيهم المحموم لإفساده والوصول به إلى مرحلة الفوضى والحرب الأهلية، لأن فى ذلك بقاءهم على عروشهم وعلى أعناق مواطنيهم فترة أطول.
الوقت وقت المزايدة والغالبية من أصحاب الرأى والعقل أو من أصحاب السياسة يتحركون وكأن على رؤوسهم «بطحة» فيداهنون المطالبين بالثورة المطلقة وكأننا فى الجنة بينما علينا أن نحسبها بالورقة والقلم، ما الذى حصلنا عليه وما الذى نريد الحصول عليه ووفق أى جدول زمنى؟ والنتيجة توالى الضغوط لدفع المجلس العسكرى إلى التوتر والخطأ ثم الصدام مع القوى الشعبية.
الوقت وقت المزايدة، لذلك نسينا أو تناسينا كيف تحرك الجيش المصرى خلال جمعة الغضب وما تلاها معلنا انحيازه التلقائى إلى قوى الثورة رغم صدور الأوامر من القائدة الأعلى بالتحرك والضرب وإنهاء الثورة التى عجزت الداخلية عن إنهائها، نسينا أو تناسينا كيف استجاب أداء المجلس للمطالب الشعبية خلال الشهور الستة الأخيرة بدءاً من إحالة مبارك ورموز نظامه جميعاً إلى المحاكم وصولاً إلى رفض الموازنة المعتمدة على الاقتراض الخارجى.
الوقت وقت المزايدة والصراخ والهرتلة، لذلك عمينا عن أن تدمير ثورة 25 يناير يبدأ بكسر العلاقة بين الجيش والشعب، فإذا انكسرت هذه العلاقة لا قدر الله قبل انسحاب المجلس العسكرى فى يناير المقبل، فالبديل المباشر هو الفوضى والتناحر والحرب الأهلية، وعلى الذين يلومون جنرالات المجلس العسكرى على قصر نظرهم السياسى أن يخرجوا من بلاتوهات برامج التوك شو ليديروا البلد على طريقة مؤتمر الوفاق القومى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة