نجحت جمعة "الثورة أولاً" بتوافق كل القوى السياسية والائتلافات على مطلب الثورة ومصر أولا، تركت الميدان قبل انتصاف ليل الجمعة ومن خلال مشاهداتى للفعاليات فى الميدان لابد من التوقف عند بعض الملاحظات، فــ "الإخوان" دائما كعادتهم مثيرون للجدل، فبعد أن هاجموا الجمعة من بدء الإعلان عنها ومدحها بعد قرار المشاركة قبل ساعات من بدء اليوم فى مناورة سياسية البعض وصفها بالذكاء السياسى وآخرون توقف عندهم الوصف عند الاستذكاء، ليس المهم هذا بل المهم ما فعلوه خلال المشاركة من وجود منصة لهم وحدهم وضربوا الأرقام القياسية فى ارتفاع المنصة، ليس هذا فقط بل توحدت الأطياف والائتلافات والحركات على منصة واحدة ولم تنضم اليهم الجماعة أو حزب العدالة.
الإخوان فصيل سياسى موجود ومهم لكن لابد أن يعلم قادته أنهم فى عصر ثورة يناير وليسوا فى نظام مبارك، فلا يعقل أن يتعاملوا مع الثورة وشبابها بنفس الأساليب التى كانوا يعاملون بها النظام السابق، بالطبع لا أحد ينكر وجود الإخوان وجماهيريتهم لكنهم عندما تركوا الميدان بعد صلاة المغرب، لم يشعر أحد بنقص الأعداد فى الميدان ولم "يكشف "الميدان كما كانوا يتوقعون.
اتيحت الفرصة الأولى للإخوان سنة 1945 عندما ترشح الشيخ حسن البنا فى الإسماعيلية واستدعاه مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء وقتها، وقال له: انت رجل دعوة أم سياسة؟.. فقال الشيخ: دعوة.. فقال له :ساعطيك فرصة العمر وأترك لك العمل الدعوى فى كل البلاد، أما إذا استمررت فى الترشح ستسقط وبالفعل تنازل البنا عن الترشح ، وترشح البنا مرة أخرى فى ظل وزارة أحمد ماهر باشا ولم يستدعه ماهر وتم تزوير الانتخابات وقتل ماهر ولا أحد يعرف من الذى قتله!
فبدأ فى تلك الفترة ينشط ما يسمى بالنظام الخاص وتم القبض على سيارة بها كل المستندات والوثائق المتعلقة بالنظام الخاص فيما يعرف بقضية "السيارة الجيب"، وتم على أثرها قيام النقراشى باشا بحل الجماعة سنة 1948 وردوا بقتل النقراشى وقامت الحكومة بقتل الشيخ حسن البنا!
ثم جاءت الفرصة الثانية للإخوان سنة 1952 حينما زار جمال عبدالناصر قبر الشيخ حسن البنا برفقة شقيقه جمال، وقيادات الإخوان، كما حاكم عبد الناصر قتلة الشيخ وحل جميع الأحزاب وأعاد الجماعة للعمل، بدأ الصدام بين عبد الناصر والإخوان حينما أرادوا أن يستشيرهم عبدالناصر فى كل شىء وهو ما لم يقبله الرئيس جمال، وكان أحد مظاهر الصدام وهو أنه كان يريد أن يأخذ من الجماعة وزيرين وأصروا على أربع حقائب وزارية، وقام عبد الناصر بتعيين الشيخ الباقورى وزيرا للأوقاف ورد الإخوان بفصل الباقورى من الجماعة، واستمر الشد والجذب بين عبد الناصر والإخوان حتى وقوع حادث المنشية الشهير 1954 وقام عبد الناصر ضد الإخوان فأدخلهم السجون.
الفرصة الثالثة عندما أراد السادات فى السبعينيات عمل توازن مع الشيوعيين والناصريين، فأخرج الإخوان من السجون إلى أن تم اغتياله، وبدأ مبارك حكمه وسجنهم وحظر عملهم السياسى والدعوى، ولم تتح لهم الفرصة إلا عندما قامت ثورة يناير، وهذه هى الفرصة الرابعة التى تتاح للإخوان للعمل فى ظل الشرعية، وأرجوا أن تقودهم حكمتهم الى الدخول فى النسيج الوطنى ولا يغرنهم تنظيمهم وبعض قادتهم وإهدار هذه الفرصة التى دفع ثمنها حوالى ألف شهيد، أغلبهم لا ينتمون لأى تنظيم سوى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة