كلنا نعرف أن الإبداع فى مصر بشكل عام بعافية شوية، وقد اعتدنا منذ عقود على أن نتقبل هذا الأمر ولا نناقشه إلا فى مجال الفن، فنحن نسلخ جلد الفنانين مثلاً إذا نجح فيلم أو مسلسل ما وراح العشرات من المسلسلات والأفلام الأخرى تلعب على نفس النغمة، حتى يتحول النجاح إلى موضة متكررة بلا إبداع فتصير من فشل لآخر ويملها الجمهور ويصرخ طالباً الرحمة. ولكى أؤكد على ما أزعم سأذكرك عزيزى ببعض الأمثلة ليس إلا فهل تذكر موضة الطرابيش فى المسلسلات بعد نجاح ليالى الحلمية؟ هل تذكر موضة مسلسلات السير الخاصة بالمشاهير بعد نجاح أم كلثوم؟ هل تذكر موضة أفلام الكوميديا بعد نجاح صعيدى فى الجامعة الأمريكية؟
مئات من الأمثلة فى مجال الغناء والسينما والتليفزيون كثيراً ما كتبت وكتب غيرى عنها كظواهر تنم عن ضعف إبداع فى مجتمع يعانى مما اطلق عليه أخلاق القرود التى تحترف التقليد دون الابتكار، ولكن الأزمة تتفاقم حين ترتبط أخلاق القرود بالنفاق فتصنع تركيبة شديدة الفجاجة والقبح ولا تكفى فيها سلخ الجلد، كما كنا نفعل مع عموم الفنانين سابقا، ولكن يجب للحق أن ننزع جلد هؤلاء لما يرتكبون من جريمة التى تتنوع فى المقدار وقدر الجرم.
فمن هؤلاء الذين يبيعون بطانية الثورة، لعصير الثورة، لحج الثورة، أى والله هناك حج وعُمرة الثورة، فمن هؤلاء إلى آخرين يتنازعون فيما بينهم على ألقاب مقرونة بالثورة كشاعر الثورة وملحن الثورة، ومطرب الثورة، وخطيب الثورة، وائتلافات الثورة، ومذيع الثورة، وصحفى الثورة وجريدة الثورة، وأخيراً وليس آخراً طبعا، قرأت خبرا عن إعلان مسرحية بطولة ممثلين الثورة حتى كدت أن أنتظر خبرا عن خالة الثورة وعمة الثورة وغيرها من كل ما يمكن ولا يمكن اقترانه بالثورة أو غيرها من ثورات.
يا أيها السادة أفهم أن تحترف الصين التقليد وتضيف إليه إبداع وقيمة اقتصادية تضعها فى مصاف القوى السياسية فى العالم، ولكنى لا أفهم ولا أحترم دولة وشعب يحترف التقليد مغموساً بالنفاق، كما نفعل نحن أهل مصر.
بالأمس القريب كانت كل شوارعنا ومدارسنا ومنشآتنا مباركة بمبارك وقبلها كانت بالسادات وناصر واليوم بالثورة، فتُرى ماذا ستكون غداً؟؟؟؟ ومتى سنتخلى عن أخلاق قرود الثورة؟؟؟؟؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة