للأسف الأخبار السيئة هذه الأيام كثيرة، وربما يكون من أسوأها الخبر الذى يقول إن المجلس العسكرى يفكر فى تقديم الدعم للأحزاب، ولماذا هو سىء جداً، بل ودعنى أقول إنه كارثة على الحياة السياسية والديمقراطية؟
الأسباب كثيرة، لكن أهمها على الإطلاق أنه استمرار لمنهج تحويل الأحزاب إلى "سبوبه طريه ولذيذه"، وهو المنهج الذى كان موجوداً وبقوة أيام الرئيس المخلوع مبارك، وربما منذ نشأة الأحزاب فى عهد الرئيس الراحل السادات، فإذا كنت "مزنوق" فى قرشين، أو "معندكش شغلانه"، فكل المطلوب منك أنك تستف ورق حزب، وتكون على علاقة طبعاً بالأجهزة الأمنية، وطبعاً كبار الحزب الوطنى السابق، وبعدها يصبح عندك دخل سنوى حوالى 200 ألف جنيه، يكفى لعمل مكتب صغير وسكرتيره و"كام بدله وكمان أكل وشرب الولاد ودلع المدام"، وفوق كل ذلك "برستيج وتطلع فى التليفزيون والجرايد". وليس مهما بالطبع أن يكون بالطبع الحزب له أى جماهير أو أى نشاط من أى نوع.
بدون شك هذه الطريقة ملئت الحياة السياسية بكم ضخم من أحزاب ورقية، وكائنات طفيلية، والتى كان يجيد النظام السابق والذى قبله استغلالهم جيداً.
لذلك فتفكير المجلس العسكرى فى دعم الأحزاب استمرار لهذا الإفساد الذى يدفعه المصريون من ضرائبهم دون أن يسألهم أحد. قد تكون النوايا حسنة وهى دعم الحياة السياسية، ولكن النتيجة حتماً هى تدميرها. فالأصل فى الأحزاب أنها تنفق على نفسها من اشتراكات وتبرعات أعضائها، ومن ثم من ليس له جمهور ولا أعضاء يغلق أبوابه، ومن له جمهور حقيقى يستمر.
هذا لا يعنى أنه ليس هناك خطر دخول المال عبر رجال الأعمال إلى السياسة، ولكن هذا أمر آخر يحتاج إلى نقاش واسع لتقنينه، مثلما نحن بحاجة لضبط علاقة المال بالسلطة التنفيذية.
وإذا كان المجلس العسكرى يريد حقاً دعم الحياة السياسية، فعليه أن يغير قانون الأحزاب، والأمر سهل مجرد قرار، لتخفيف الشروط التى تحتاج إلى أموال، وهذا يفتح الباب واسعاً أمام حياة ديمقراطية حقيقية كل الفئات والأطياف، بما فيها التى لا تملك المال.
أما الدعم، فهو فى الحقيقة رشوة وتدمير لديمقراطية ما زالت وليدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة