الشعور بالصدمة كان هو حال القوى التى شجعت على مقاطعة مليونية الجمعة 27 مايو، فقد تصورت أن الفشل هو ما يحيق بأى عمل سياسى شعبى لا تشارك فيه، بل أعلنت على ألسنة متحدثيها أن عدد المشاركين لن يزيد عن 10 – 15 ألف مواطن فى أرجاء مصر المحروسة، بل لقد ذهبوا إلى ترويج رسائل تصور سيناريوهات الفوضى المتوقعة جراء الدعوة لهذه المليونية، بل وصل التمادى إلى محاولة بذر الشقاق بين المؤسسة العسكرية وبين الكتلة المدنية الكاسحة من شعب مصر، ثم كان التحذير من حرارة الجو هو القشة التى تعلقوا بها متناسين أن السواد الأعظم من شعبنا لا يمتلك مراوح ولا يسمع عن التكييف إلا فى المسلسلات والافلام التعبانة.
إلا أن هذة التحذيرات وتلك التصورات ذهبت أدراج الرياح بعد أن قرر المصريون النزول إلى الشارع، وبدأت القوى السياسية التى ترفض المواءمات فى تجهيز الميادين، ووضع نقاط الحراسة والتفتيش، وتنظيم الحركة داخلا وخارجا، والسيطرة على مجريات الوقفة التى تلخصت فى إصرار الشعب على حكم مدنى لا عسكرى، شفافية المحاكمات، وإحكام ترتيب أوراقها، رفض التنازل عن أى مليم تم نهبه، ورفض التفريط فى أى قطرة دم سالت من أجل كرامة هذا الوطن وحريته، ورفض الاستجداء وعقد الصفقات مع أى جهة مهما بدت الغاية سامية من وجهة نظر البعض، والتأكيد على ضرورة العمل والإنتاج لأجل مصر مع الإصرار على وضع حد أدنى للأجور وتدخل فعال لضبط الأسعار.
وأبهى ما فى الأمر هو أن الإخوان والجماعة الإسلامية عرفوا حجمهم الطبيعى فى الشارع السياسى بعد أن ظلوا يحاولون إقناع الجميع أن أى تظاهر أو احتجاج لا ينجح إلا بمشاركتهم وإن ما أشاعوه عن كونهم الأكثر خبرة وتنظيما ما هو إلا طق حنك وإن القوى السياسية البازغة الجديدة هى الأكثر تأثيرا بعدما وعت إلى ضرورة العمل فى الشارع لا على صفحات الإنترنت.
يبقى لدينا إصرار جموع المصريين على الانتقال السليم إلى الديموقراطية الكاملة المبنية على الحوار والنقد البناء للقيادة السياسية المصرية، أى كانت جذورها بلا أى تشدد من جانب الحاكم سواء كان عسكريا أو مدنيا مع اعترافه بقوة الثورة ومدها الكاسح، وعلى النخب السياسية القديمة أن تتقبل هذا الوضع وأن تتعامل معه بمنتهى المرونة بعد أن اعتادت تملق الحاكم، وعلى النخب الجديدة أن تبدأ فى سن هذه العادات، تاركة خلفها موروثا من محاولات الوصول إلى قمة السلطة أو الهرم السياسى، متناسية أن الشعب هو المصدر الحقيقى للسلطات، وهو من يقيم النظم ويسقطها وإلا وقعوا أسرى الدائرة الجهنمية التى أسقطت إدارة النظام السابق وأقنعة دواجنه المنبطحة.
وأخيرا، غاب بعض قيادات الشباب كما يسمون أنفسهم عن المشهد تماما، فلم نر «وائل غنيم» ولا أمين تنظيم الثورة «مصطفى النجار» ولعل المانع خير، وعلى صعيد آخر ظهر أحمد ماهر منسق حركة 6 أبريل فى هدوء لافت.
تحية إلى مصر التى قال شعبها كلمته وأسفى على اللى كل على قفاه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة