هانى صلاح الدين

الانتخابات أولاً.. ونرفض البلطجة السياسية

الأحد، 26 يونيو 2011 01:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعالت أصوات اليسار والليبراليين وبعض شباب القوى السياسية، خلال المرحلة الماضية من أجل المطالبة بوضع دستور قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبالرغم من أننى أعلم يقينًا أن من يطالب بالدستور أولاً لايقل وطنية عن المطالبين بالانتخابات، فالكل يستهدف مصلحة مصر، والكل يريد أن ينعم المصريون فى المرحلة القادمة، بالحرية والاستقرار، ويحلم بحياة سياسية تستوعب الجميع، وتقوم على تكافؤ الفرص السياسية.

لكنى أرى أن أصحاب دعوات الدستور أولا، يقعون فى خطأ عظيم، يؤدى بهم إلى الانقلاب على الشرعية، وينزلق بهم للبلطجة السياسية، حيث يحاول قلة فرض إرادتهم السياسية على أغلبية الشعب المصرى، الذى قال كلمته بكل وضوح فى استفتاء التعديلات الدستورية، فكيف لفريق وطنى، يضرب بنتائج الاستفتاء الذى شارك فيه أكثر من 18 مليون مصرى عرض الحائط، وكيف لكائن من كان أن يرفض كلمة أجمع عليها الشعب بكامل الإرادة بعد قيام ثورة 25 يناير.

ومما يجعلنى فى حالة قلق من هذه الدعوات، أننا الآن نبنى مستقبل مصر الجديدة، التى ستقوم فيها الحياة السياسية على نتائج الصندوق الانتخابى، والذى يعد الفيصل الوحيد بين مختلف الرؤى والقوى السياسية، فإذا لم نحترم من الآن نتائج الصندوق فكيف نرسخ قيمته عند أجيالنا القادمة، وهل يقبل أى عاقل أن يقوم شخص برفض نتائج الصندوق، خاصة إذا كانت الانتخابات أجريت بشفافية ونزاهة كاملة، وهل نأمن، لو رسخنا للانقلاب على نتائج صندوق، أن يقوم أى فصيل سياسى بعد ذلك برفض النتائج الانتخابية، وينزل للشارع ويورط الوطن فى صراعات سياسية تدخلنا فى متاهات الانقلابات.

كما أرى أن من يسعون ليكون الدستور أولاً يرتكبون خطيئة أخرى، تتمثل فى الالتفاف على مواقفهم السياسية التى أعلنوها، فقد أعلنوا عن مشاركتهم فى الاستفتاء، ونزلوا الشارع بكل قوة، وحاولوا استقطاب من يستطيعون من الشعب، أى أنهم وافقوا من حيث المبدأ على المشاركة وتنافسوا مع مخالفيهم فى الرأى، فكيف لهم الآن أن ينكصوا على أعقابهم، فكان الأشرف لهم سياسيّا، أن يرفضوا المشاركة ويقاطعوا الانتخابات، وكنا سنرفع لهم القبعة، ونثمن موقفهم، لكن أن ينقلبوا على نتائج معركة شاركوا فيها بكل قوة، هو ما يجعلنا نقف فى حيرة، فقد أعطوا نموذجًا لم نرَه فى كل دول العالم الديمقراطى.

كما أرى أن الساعين لفرض الدستور أولاً، من الممكن أن يُدخلوا الوطن فى صراعات كبيرة، بسبب الخلافات التى ستثار حول اللجنة التى ستصوغ الدستور، وأيضًا ملامح الدستور الجديد، لأن هذه اللجنة حتى لو كان بها ملائكة فلن يرضى عنها مختلف القوى السياسية، لكن لو كان لدينا مؤسسات منتخبة فسيكون الأمر أسهل بكثير، فهذه المؤسسات سيكون لها الشرعية، التى ستجعل الشارع المصرى يقبل ما تصل إليه من اجتهادات.
بكل وضوح لابد أن نؤكد أن من يحاول أن يكسب أهدافًا خاصة لاتجاه سياسى، من خلال تعطيل عودة مؤسسات الدولة، فهو ينسى واجبه الوطنى، ويعلى مصالحه السياسية على مصالح الوطن، وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً، فاستقرار مصر ومصلحتها فوق مصلحة الجميع.

ومن يخشى أن تستحوذ التيارات الإسلامية على الانتخابات القادمة، فليعلم أننا نضخم هذه التيارات ونعطيها أكبر من حجمها الحقيقى، والدليل على ذلك أن شباب جمعة الغضب الثانية نجحوا فى حشد أكثر من 100 ألف لمظاهرتهم ليؤكدوا أن الكل قادرون على المنافسة، والكل باستطاعته أن يحقق نجاحًا كبيرًا، لو بذل من الجهد الخالص لله ثم الوطن، وعلينا أن نتعاهد جميعًا على أن نضع مصلحة الوطن قبل مصالحنا السياسية الضيقة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة