هزم سليم الأول المماليك تحت قيادة السلطان الغورى يوم 24 أغسطس 1516 فى موقعة مرج دابق, واستمر فى هجومه حتى وصل القاهرة وحارب آخر سلاطين المماليك طومان باى، وهزمه فى 23 يناير 1517 فى موقعة الريدانية، وقام بشنقه على باب زويلة، وكما قال ابن إياس فى «بدائع الزهور فى وقائع الدهور»، إن مصر بعد دخول العثمانيين، تحولت إلى مجرد ولاية تابعة للدولة العثمانية، بعد أن كانت إمبراطورية كبرى، وكثر النهب العثمانى لخيرات مصر كما فعل سلفهم. وانتهت من القاهرة نحوخمسين صنعة، نقل أصحابها لإسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية.
ما سبق هو لمحة تاريخية توضح لنا أن الوفد الشعبى الذى زار تركيا لم يعر التاريخ التفاتا على الإطلاق، بل عاد منبهرا بلقاء جول وأردوغان داعيا مصر إلى الارتماء فى حضن تركيا التى أذاقت الشعب المصرى الأمرين طيلة 5 قرون، بدعوى أنها دعمت الثورة ولم تساند مبارك ولكننى سوف أرجع ذلك إلى النظام التعليمى الذى لم يترك فى أذهان أعضاء الوفد أى بصمة تاريخية، ولكن الغريب أن هؤلاء السياسيين الجدد لم يتابعوا الصحافة المحلية والعالمية طيلة الـ62 سنة الأخيرة فقد كانت تركيا من أوائل الدول التى أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل فى 28 مارس 1949، كما عقدت مع إسرائيل اتفاقية تجارية سنة 1950 واتفاقية شحن وتفريغ سنة 1951، وبعد عضوية تركيا فى حلف الناتو أصبح حضورها رسميًا فى المعسكر الغربى تحت زعامة أمريكا، وأصبحت سياستها تجاه الشرق الأوسط تقترب للإيديولوجية الأمريكية، وعلى هذا الأساس قررت توسيع وتعميق علاقاتها مع إسرائيل ،وقد سافرت تانسوتشيللر رئيسة وزراء تركيا السابقة إلى إسرائيل للمرة الأولى سنة 1994 ، وهيأ ذلك المجال لعقد اتفاقيات سياسية أمنية، مهدت بعد ذلك للارتقاء بمستوى العلاقات بين الدولتين، وتبع ذلك توقيع اتفاقيتين عسكرية وأمنية فى شهرى فبراير وأغسطس 1996 من جانب الطرفين. وقال «إسحاق رابين»: إن أهم هدف من عقد اتفاقيات مع تركيا، هوحفظ توازن القوى فى منطقة الشرق الأوسط.
وبالوقت لم تعد تركيا إلى وضعها خلال الحرب الباردة، زال الاتحاد السوفيتى الطامع بأراضيها وبمضيقَيها وهو مادفعها إلى التقرّب لحلف الأطلسى لتأمين حماية ذاتية. ولم تعد دولة مرعوبة من جوارها العراقى، السورى، الإيرانى، اليونانى، الأرمينى، ما دفع بديفيد بن غوريون، وعدنان مندريس إلى توقيع اتفاق ضد «الراديكالية الشرق أوسطية، وضد التأثير السوفيتى» عام 1958، فقررت بعد 2002 التوقّف عن النظر إلى نفسها كدولة أوروبية لا تطيق جوارها، شأنها شأن رؤية إسرائيل لنفسها، من هنا زال الشبه المفتعل بين تركيا وإسرائيل كدولتين «ديمقراطيتين» وغربيتين فى هذا «الشرق المظلم»، كما أنها باتت بلا عداوات تقريباً، فأصبحت حاجتها إلى السلاح والتدريب والتحالف الإسرائيلى، أقل بما لا يقاس بما كانت عليه أيام خلفاء أتاتورك.
كى لا أطيل على القارئ، أرجو منه الرجوع إلى مقال سابق للكاتب بعنوان «وقفة آل عثمان على جبل صهيون»، وذلك لاستبيان حقيقة المواقف التركية تجاه مصر ودول المنطقة، لنرى أننا الآن نتعامل سياسيا مع القوى المحيطة كالرضع لا كثورة تدخل فى مرحلة النضج.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة