لطبيعة المرحلة أو لأن نوايا الرجل طيبة، حظيت حكومة الدكتور عصام شرف بكثير من المحبة فى الشارع، وربما لأن الناس فى مصر شاهدت ولأول مرة رئيسا للوزراء محمولا على الأعناق فى ميدان التحرير، الذى كان السادة وزراء عصر مبارك يعتبرونه ميدانا من صنع الشيطان، وربما أيضا لأن الدكتور شرف تم ضبطه متلبسا بالإفطار فى مطعم التابعى للفول والطعمية بعد سنوات من انتشار اعتقاد مصرى أصيل أن الكبار فى الدولة يأتيهم الإفطار ساخن على طائرات من بلاد بره، وربما أيضا لأن وزراء حكومة شرف فرضت عليهم طبيعة المرحلة أن يكونوا أقل غطرسة وعجرفة من أسلافهم.
كل هذا ومعه قليل من النجاحات جعل لحكومة الدكتور شرف مكانة عاطفية لا يمكن إنكارها، ولكن على أرض الواقع، ومع قليل من الإنصاف فى التقييم تكتشف أن ضرر هذه الحكومة أكثر من نفعها!!. لا تغضب، وتعال نعرف السبب، بعد كل هذه الأيام التى مرت من عمر حكومة الثورة، كما يحلو للدكتور شرف أن يلقبها مستخدما إيحاءات مختلفة فى فعل ذلك، نحن أمام حكومة تفتخر بأنها جاءت من قلب ميدان التحرير، لكنها لم تأت بعنفوانه وثوريته، بل جاءت مثلها مثل حكومات عصر مبارك تسير ببطء السلحفاة، وتلقى التصريحات والوعود الوردية قبل أن تشرح كيف ستنفذها، وكيف ستكون آثارها السلبية والإيجابية؟، وتعيين المؤقتين وفتح الباب على مصراعيه لتعيين الآلاف فى الجهاز الإدارى المتخم ورفع الرواتب والمعاشات، يدخل فى قائمة تلك التصريحات والتطمينات والرشاوى، التى قدمتها حكومة شرف على غرار حكومات ماضية دون أن تكشف عن موارد تمويل ذلك أو تشرح لنا سلبيات العبء والإرهاق الذى سيقع على الدولة فى المستقبل.
نحن أمام حكومة لا يمكن تبرئتها من دم متظاهرى ماسبيرو، ولا من رقبة غرقى أهالى مخيمات السلام فى نيل ماسبيرو، نحن أمام حكومة كانت أضعف من أن تدافع عن اختيارها فى محافظة قنا أو تدافع عن هيبتها، التى ضاعت على شريط السكة الحديد هناك.
نحن أمام حكومة «أجبن» من أن تعلن للناس تحملها مسؤولية ما يدور على أرض مصر، ورجالها أقل شجاعة وإنسانية حينما جعلوا من الفقراء والمطحونين ومظاهراتهم الفئوية «شماعات» يعلقون عليها فشلهم فى عدم دوران عجلة الإنتاج وضياع الاستثمارات والانفلات الأمنى وغيرها من الحجج التى يبررون بها رغبتهم فى إخراس الناس والعودة بهم إلى حيث خانة المفعول به التى كانوا داخلها أيام نظام مبارك.
استسهلت واستسلمت حكومة شرف لمنطق تسيير الأعمال وظن وزراؤها أنهم حينما يصرخون بأن بقاءهم قصير ومهمتهم مؤقتة فإن ذلك يضعهم فوق الحساب والمساءلة، ومنطق تسيير الأعمال هذا يا صديقى أخطر على الثورة من «الفلول وجواسيس الموساد» لأنه يفرض علينا أن نشاركهم هذا الاستسلام ونجلس واضعين الأيدى على الخدود فى انتظار الرئيس القادم حتى يضع الخطط وينظم الأمور، وأنتم تعلمون أن فترات الانتظار كلها ملل، وتعرفون أيضا أن هذا النوع من الانتظار تحديدا يجعل من المنتظر - بفتح الظاء - إلها أو فرعونا ملهما يأخذنا إلى حيث 30 سنة أخرى من حكم الفرد لا المؤسسات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة