على مدار 30 سنة لم تفلح أجهزة الأمن فى تفريغ جماعة الإخوان المسلمين من رموزها الأكثر اتصالا بالشارع والقوى السياسية المختلفة، رغم القمع والاعتقال والتضييق ومصادرة الأموال بقى عصام العريان والشاطر وحسن مالك وحبيب وعزت وبشر على إيمانهم بالجماعة وأفكارها وخطوطها التنظيمية بشكل أكسبهم الاحترام ومنح الجماعة مصداقية وثقة البعض فى الشارع المصرى.
كان الترابط الإخوانى مذهلا ومبهرا لجموع المواطنين الذين اعتادو رؤية انهيار الأحزاب بسبب معركة على كرسى الرئاسة وتكرر أمامهم مشهد وفاة الحركات السياسية الشابة قبل أن تحبو بسبب عدم الالتزام والتسابق على كعكة الشو الإعلامى، الذى يجلبه النضال السياسى وعمليات الاعتقال والملاحقة الأمنية.
كانت الأمور فى جماعة الإخوان تسير على عكس ذلك، تدخل القيادات السجن وتخرج منه دون شكوى، وتتبدل المناصب داخل مكتب الإرشاد وشورى الجماعة دون أن ينفرط عقد الجماعة - إعلاميا على الأقل - بسبب طمع أحدهم فى كرسى ما أو رغبة أحدهم فى الاستحواذ على الكادر الإعلامى منفردا، باختصار فشل النظام السابق أن يخلق تلك الفتنة، التى تشتعل بسرعة الصاروخ فى الكيانات السياسية والحزبية الأخرى، ولكن يبدو أن ما فشل فيه نظام مبارك خلال 30 سنة، سينجح فى صناعته مكتب الإرشاد خلال أيام!
الأمر لا يتوقف هنا عند فصل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الرجل، الذى كانت الجماعة تصدره للناس على أنه مفكرها ورجلها الإصلاحى الأكثر تواصلا مع التيارات الفكرية والسياسية الأخرى والأكثر استحواذا على تأييد شباب الإخوان، فذلك أمر أعتبره شأنا داخليا لجماعة لها قواعدها، التى ارتضاها الدكتور أبوالفتوح نفسه، ولكن الأمر يتجاوز قضية فصل أبوالفتوح إلى ما هو أبعد، حيث توجد أسئلة كثيرة عن كون عملية الفصل هذه إنذارا مبكرا للتيار الإصلاحى داخل الجماعة، وردعا مبطنا للشباب الذين ارتفع صوتهم فوق صوت مكتب الإرشاد خلال الفترة الماضية؟، وهل هذه السهولة فى إقصاء الجماعة لأحد أبنائها يعنى أنها لن ترحم من هو خارجها؟ وهل يمكن فصل ماحدث مع أبوالفتوح عن التغييب المتعمد للدكتور محمد حبيب أو الاختفاء المريب للمهندس خيرت الشاطر والدكتور محمد على بشر؟
اختفاء واستبعاد هذه الأسماء التى تحظى بقبول شعبى ونخبوى وفكرى داخل جميع الأوساط وتصدر أسماء إخوانية أخرى للمشهد مثل المحامى صبحى صالح بكل إرهاصاته وتصريحاته وفيديوهاته وأفكاره الخلاقة، التى تشبه إلى حد كبير تصريحات وأفكار العقيد اللامع معمر القذافى بل وتنافسه من حيث القدرة على إثارة الدهشة والضحك، والدكتور محمد مرسى بكل ضعفه وعدم قدرته على مواجهة الإعلام، يدفعك لأن ترسم منذ الآن ملامح الوجود الإخوانى على الساحة السياسية فى الفترة المقبلة، وربما توافقنى الرأى حينما أقول إنك لن ترسم سوى منحنى هابط، وأن الجماعة ستصنع بنفسها ما كان يخطط لها فى سنوات حكم مبارك بيدها لا بيد أمن الدولة الذى كان.. أو ما زال!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة