هانى صلاح الدين

لغز الثانوية العامة وانهيار التعليم إلى متى؟

الجمعة، 17 يونيو 2011 08:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن التعليم هو كلمة السر فى ازدهار وتقدم أية أمة، كما أنه قلب الحضارة النابض الذى يضخ دماء الحداثة والتجديد والوعى فى عقل وتفكير الشعوب، فتراثنا وحضارتنا تشهد لأسلافنا بما قدموه من جهد علمى وتعليمى، أضاء حياة الإنسانية على مدار قرون عديدة، وكان بمثابة الأسس المتينة التى شيد عليها الغرب حضارتهم الحالية، لذا استهدف أعداؤنا على مر تاريخنا، التعليم ومؤسساته، حتى يتمكنوا من القضاء على حضارتنا وهويتنا الإسلامية والعربية، ويستطيعوا سلخ أبنائنا عن ثوابتنا فبدأوا بتنفيذ مخططاتهم الخبيثة مع ضعف الخلافة العثمانية، وبدأوا بالتغلغل فى مؤسساتنا التعليمية والتربوية، وذلك عن طريق نشر مبادئ وقيم دمرت تعليمنا، مستغلين سلاح المعونات والخبرة المزعومة.

ولعل أشهر هذه المخططات ما قام به القس (دانلوب) فى ظل الاستعمار البريطانى لمصر، حيث وضع استراتيجية تعليمية طويلة الأمد، ما زالت تفسد تعليمنا حتى الآن، قامت فى الأساس على فصل النظرية عن التطبيق، وعلمنة المناهج، ونزع ما بها من قيم وأخلاقيات، كما توالت الاتفاقيات بين الجهات المانحة والحكومات المختلفة لتقييد التعليم المصرى على مر تاريخه فى الحقبة الحديثة، فكان السبب الرئيسى فى تخلفنا عن الركب الحضارى وهروب الكفاءات العلمية من أوطاننا، ليعمروا المحافل العلمية فى أمريكا وأوروبا.

وأصبح لزاماً علينا إذا أردنا أن نركب قطار الحضارة من جديد، ونأخذ مكاننا فى عالم أصبح لا يعرف غير لغة العلم والتكنولوجيا والتقدم العلمى الذى لا يرحم الجهلاء أو أنصاف المتعلمين، أن نخطط من جديد لتعليمنا بحيث نضع خططاً واستراتيجيات جادة، منبثقهً من هويتنا وثوابتنا الإسلامية والعربية.

كما لابد لنا من أن نتخلص من أنظمة التقويم العقيمة، التى أصبحت تطيح بحياة أبنائنا لا مستقبلهم فقط، وما امتحانات الثانوية القاتلة عنا ببعيد، فليس هناك نظام تعليمى أو تقويمى فى العالم، يدفع الطلاب للانتحار أو يصيبهم بانفجارات فى المخ أو انهيارات عصبية أو هستيرية البكاء، كما شاهدنا فى «مسلخة» امتحانات الثانوية الأعوام الماضية، وما ذلك إلا دليل واضح على مدى عقم النظام التعليمى المصرى.

ولعل تجربة دول نمور شرق آسيا التى أثبتت للجميع، أن التعليم والبحث العلمى هو سفينة الإنقاذ التى تخرج أمتنا من ظلمات بحر الجهل اللجى إلى نور شمس الحضارة والازدهار.

ولا أدرى إلى متى يستمر فصل النظرية عن التطبيق فى التعليم المصرى، فمؤسساتنا التعليمية، سواء ما قبل الجامعى أو الجامعى، تعانى من فصل تام بين النظريات التى تدرس فى مدارسنا وجامعاتنا وبين التطبيق العملى لها، وذلك بالرغم من أن جميع الخبراء التعليميين يؤكدون أن النهضة التعليمية تنطلق من أسس ثلاثة، أولها وضع استراتيجية تعليمية طويلة الأمد لا تتأثر بتغيير الوزراء، وتنبعث من ثوابتنا الوطنية والإسلامية، وثانيها ربط تام بين النظرية والتطبيق العملى لها، وثالثها ارتباط المناهج التعليمية بسوق العمل واحتياجاته.

ولكن للأسف، نجد أن الأسس الثلاثة فى مصرنا التائهة بين تخبط الحكومات المختلفة وخضوع الوزارات لأهواء الوزراء قد انهارت، فلا توجد استراتيجية طويلة أو حتى قصيرة الأمد، فكل وزير يأتى يهدم ما قبله ويبدأ من أول السطر.

كما نجد أن هناك فصلاً تاماً بين النظرية والتطبيق العملى لها، ويكفى أن نعلم أن التقويم التراكمى الذى طبقته دول العالم المتقدمة، وكان له الفضل فى نهضة الكثير من الدول، ويقوم أصلًا على التطبيق العملى للتدريس، تحول بقدرة الإهمال ونقص الإمكانيات وفشل المسؤولين إلى نظام مبتور عمق فصل النظرية عن تطبيقاتها العملية، أما العنصر الثالث فهو غير موجود بالمرة.

وقد أصبح من الضرورى بعد ثورة 25 يناير أن تتغير نظرة أصحاب القرار فى مصر نحو التعليم، فبالرغم من الخطب الرنانة التى نسمعها من كل منهم فى المحافل التعليمية المختلفة عن أهمية النهوض بالتعليم، إلا أننا نجد الواقع يشهد بمدى الإهمال الذى يعانيه التعليم، وأن الحفظ والتلقين هو سيد الموقف فى الفصول الدراسية، بل يعلم معظم الخبراء أن أكثر من 20% من طلاب مرحلة التعليم الأساسى يعانون من أمية القراءة والكتابة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة