لعل استقالة الأستاذ خالد محيى الدين من مجلس قيادة الثورة، تؤكد أن الديمقراطية ليست مفهوماً عددياً، وتؤكد أيضاً أن الأغلبية ليست مطلقة الحرية فى أن تفعل ما تشاء، وأن حريتها تقف عند حدود احترام الحقوق الفردية والعامة لكل المواطنين، وللأقليات الدينية والعرقية والسياسية بوجه خاص. الوثيقة نشرها أمس زميلنا العزيز مصباح قطب فى جريدة المصرى اليوم، وتعود إلى 31-3-1954، أثناء أزمة مارس الشهيرة، حينما انقسم المجتمع ومجلس قيادة الثورة ما بين مطالب بعودة الحياة النيابية، أى عودة الديمقراطية والسلطة للشعب، وعودة الجيش إلى الثكنات، وبين مطالب بالعكس. وقد انتهى الأمر بهزيمة الجناح الديمقراطى وإزاحة الرئيس محمد نجيب واستيلاء جمال عبد الناصر على السلطة.
كانت حيثيات استقالة الصاغ خالد محيى الدين التى وجهها لمجلس قيادة الثورة، والتى أدت إلى نفيه عامين فيما بعد، هى "لقد اتضح فى الأيام القليلة الماضية أن الشعب لا يرغب فى عودة الحياة النيابية الآن، ولما كنت فى الفترة السابقة لهذه الأيام القليلة الماضية كتبت وأظهرت رأيى فى الصحف أنى من محبذى عودة الحياة النيابية فى أسرع وقت، لذلك أرى أن موقفى أصبح حرجا جدا وأصبح لا داع البتة لبقائى عضوا بمجلس الثورة، لمصلحة البلاد ولمصلحة الوحدة داخل المجلس”. طبعاً الأمر لم يكن فيه استفتاء ولا انتخابات حتى يتوصل الصاغ خالد إلى هذه النتيجة، لكنه حتى لو حدثت، فسوف تصل إلى ذات النتيجة، وهى أن الشعب يريد الاستبداد، وهو ما حدث بعد ذلك، وما زلنا نعانى منه حتى اليوم. وهذا ينقلنا إلى ما كتبته أمس، وجددته وثيقة الضابط الديمقراطى خالد محيى الدين، وهى أين تقف حدود الأغلبية، وماذا سنفعل لو اختارت الأغلبية بعد ثورة اللوتس ما اختارته الأغلبية بعد "ثورة يوليو"؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة