سأوافق الأساتذة فى لجنة الحريات بنقابة المحامين، على أن إذاعة حوار فريد الديب، محامى الرئيس السابق حسنى مبارك، سوف يؤثر على سير التحقيقات، ولكن أرجو أن يوافقونى على أن نشر أى شىء متعلق بالرئيس السابق، بما فيها مثلاً المطالبة بإعدامه، سيؤثر أيضاً على سير التحقيقات، ومن ثم أعتقد أنه كان لابد أن يتضمن بلاغهم للنائب العام منع كل ما ينشر سواء كان لصالح الرئيس أو ضده، وليس فقط ما أثار غضبهم، وهو حوار الديب مع الزميل سليمان شفيق على قناة دريم.
هذا لا يعنى أننى مع المنع، بل أنا ضده تماماً، ولكنى قصدت فقط أن أوضح أن الأساتذة المحامين مقدمى البلاغ، مع كامل الاحترام لهم، معاييرهم مزدوجة ومتناقضة، ناهيك عن أنها تفتقد للعدالة، فإذا كان خصوم الرئيس السابق يقولون ما يشاءون ليل نهار فى الصحف والفضائيات وغيرها من وسائل الصحافة والإعلام، فلماذا يستكثرون على شخص واحد فقط، هو محامى الرئيس مبارك، أن يقول وجهة النظر الأخرى.
بالإضافة إلى أن بلاغهم ينتهك حق المواطنين فى المعرفة، وهو حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهى بالمناسبة جزء من القانون، لأن الدولة المصرية وقعت عليها، بل وتلغى أية قوانين سابقة تتناقض معها، ومقدمو البلاغ الأساتذة فى لجنة الحريات أسماء لامعة فى عالم المحاماة ويعرفون ذلك، وأساتذة فى عالم السياسة ويعرفون أنه لا حرية ولا ديمقراطية بالمنع.
الحقيقة، إن هذا الهوس بقمع الخصوم استمرار لصحافة وإعلام الحشد والتعبئة، التى لا يهمها حق الناس فى المعرفة، ولكن كل ما يهمها هو أن تحشد الناس كالقطيع لصالح موقف سياسى أو زعيم ملهم، والجماهير هنا ليس لها أى دور سوى أن يتم حشو رأسها بما يتصوره الأوصياء أنه هو الصح المطلق والحقيقة المطلقة.
المفارقة أن نموذج الحشد والتعبئة جرّ البلد إلى الخراب، لعلنا نتذكر إعلام إذاعة صوت العرب فى هزيمة 1967، بل وخربت أيضاً بلدانا أخرى مثل دول الاتحاد السوفيتى السابق، ناهيك عن أنه سبب رئيسى لفشل ذريع للقوى السياسية قبل الثورة.. ومع ذلك فهناك من يصر عليه.. إنها إرادة الفشل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة