صحيح أن تحقيقات النيابة العسكرية مع عدد من الزملاء الصحفيين، انتهت إلى فنجان قهوة وحوارات لطيفة، لكن لماذا إذن كان الاستدعاء من الأساس، ولماذا تأتى الدعوة من النيابة والقضاء العسكرى، ولم تأت مثلاً فى إطار حوار واسع بين الصحفيين والمجلس العسكرى؟!
أظن أن الهدف هو توصيل رسالة، وأظنها قد وصلت فعلاً، وهى أن انتقاد الأداء السياسى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة غير مرحب به، وغير مرحب بنشر أى شىء يتعلق به، رغم أننى ومعى كثيرين، قلنا مراراً وتكراراً أن هناك فرقاً بين الجيش كمؤسسة عسكرية، وبين أدائه السياسى. ومن حق المصريين جميعاً أن ينتقدوه كما يشاؤون، وعلى المجلس العسكرى طالما ارتضى مهمة الإدارة المؤقتة للبلاد أن يتحمل ذلك، فهذه هى السياسة وهذه هى طبيعتها.
وإذا كان هناك ما ينشر ولا يعجب المجلس العسكرى، وهذا حقه، أو يخالف الحقيقة من وجهة نظره، فعليه مثل أية مؤسسة فى البلد أن يستخدم حق الرد، وينتهى الأمر عند هذا الحد دون استدعاءات للنيابات العسكرية، ودون أى فناجين من القهوة.
بل ومهما كان الشطط فى الممارسات الصحفية والإعلامية، وهناك الكثير من الشطط والانفلات فعلاً، فلا أظن أنه من الصالح العام أن يلجأ المجلس العسكرى إلى القانون العادى، لأنه لو تم استخدامه، فهذا يعنى غلق كل الصحف والإذاعات والتليفزيونات، والسبب أن أنظمة الحكم السابقة، بما فيها مبارك، حشت القوانين بكل ما هو معطل للحريات العامة والفردية، ومنها حرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة.
لقد كانت الحريات فى "العهد البائد" عرفية، وبعد ثورة اللوتس لابد للجماعة الصحفية أن تبحث عن آليات لضبط الانفلات المهنى، وأن تنقى القوانين من كل ما هو معطل لحرية الصحافة والصحفيين، بالإضافة إلى إعداد قانون لحرية تداول المعلومات، فعلاج تجاوزات الحرية مزيد من الحرية، ولا ديمقراطية بدون حرية صحافة، أليس كذلك؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة